[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $
  من دفع الضرر والظلم وجلب النفع بحفظ الأموال والنفوس والفروج، وحفظ الدين وقيامه ما هو أكثر وأعظم من ضرر التولي والترأس والتصرف في مال الغير ودمه، سيما إذا كان التصرف في المال ونحوه كالقتل والصلب عن استحقاق؛ لأن العقل يقضي بحسن ما فيه ضرر لدفع ضرر أعظم منه كالفصد، أو لجلب ما فيه نفع يحسن لأجله تحمل الضرر كتحمل مشقة الأسفار لطلب ربح التجارة، وتعب عمل الحراثة لحصول الزرائع والثمار، وهذا لا شك في حسنه عقلاً، غير أنه يقتضي حسن الإمامة على الإطلاق في أي قائم قام بها، فيسقط الدليل على دعوى الحصر في منصب مخصوص من أصله، فيحتاج إلى استدراك، بأن يقال: إن الإمامة تصرف في أمور عقلية كدفع الضرر وجلب النفع، وأمور شرعية كصرف الزكوات والأخماس في المصارف الشرعية، وإقامة الجمعات، وإقامة الحدود، وصرف غلات الأوقاف المنقطعة الولاية، وحفظ مال اليتيم والإنفاق عليه المنقطع وصاية أبيه، ونصب الحكام وولاة المصالح، وهذه أمور شرعية ولاية أمرها إلى من أذن له الشارع في القيام بأمرها، ولا إذن شرعي معلوم حصوله لمن أراد القيام بأمرها إلا للفاطمي، وهو ما دل عليه الإجماع من جوازها فيه دون من عداه، فبقي على المنع المقتضى عن عدم الإذن، إلى ما انضم إلى هذا الكلام من الإجماع أن ولاية تلك العقلية إلى من إليه ولاية هذه الشرعية؛ إذ لا يمكن نصب إمام للعقلية من سائر الناس، وإمام للشريعة من المنصب المخصوص؛ لتأديته إلى الاختلاف والشجار والقتال، ولأنه لا قائل بذلك فتأمل.
  وحينئذ فقد تم هذا الدليل العقلي وانبرم على وجه الصحة على كلا المذهبين بين أئمتنا $ ومن وافقهم القائلين بوجوب الإمامة عقلاً وسمعاً كما هو الصحيح، والقائلين بوجوبها سمعاً فقط، كما هو اختيار المؤلف والمهدي وغيرهما $ جميعاً. ويؤيد كون الإمامة وجبت لأمور عقلية وأمور شرعية أنها