سورة الشرح
  فَانْصَبْ ٧ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ٨}(١) اشتد البلاء على النبي ÷ والمؤمنين والفقر والخوف، وتمردت قريش عن الإيمان، وكبر ذلك على النبي ÷ والمسلمين فخاف النبي ÷ أن يكون السبب هو تقصيره في تبليغ الرسالة وهوانه على الله تعالى فنزلت هذه السورة لتزيل ذلك من صدره فقال الله تعالى له: إن نعمنا عليك يا محمد كثيرة متواصلة، فقد شرحنا لك صدرك، أي: وسعناه للإيمان وتحمل المتاعب، وقد وضعنا عنك حمل تبليغ الرسالة، فقد بلغت المشركين وأديت ما عليك، وقد كان حملاً ثقيلاً كاد أن يقصم ظهرك لشدته وثقله، وبنعمة الله تعالى عليك ارتفع(٢) عنك هذا التكليف، وبنعمة الله تعالى أيضاً نشرنا ذكرك في
(١) سؤال: هل يؤخذ من الآيات وجوب الدعاء بعد الفراغ من الصلوات أم ندبيته فقط؟ وما قرينة ذلك؟
الجواب: إذا كان المقصود بقوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ٧} إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء فإن الأمر للندب لا للوجوب للاتفاق العام على أنه لا يجب الدعاء بعد الفراغ من الصلاة، وهذا مع أن الآية مطلقة أي: إذا فرغت من عمل فانصب في عمل آخر، فيكون أمراً للنبي ÷ بالاستمرار في الدعوة إلى الله وعدم التواني في الدعوة إلى الله فإذا فرغ اليوم من دعوة فليأخذ في الدعوة من جديد أو إذا فرغت من أداء الصلاة فانصب في الدعوة إلى الله أو ... إلخ.
(٢) سؤال: قد يقال: كيف ارتفع وهو لا زال مكلفاً بالدعوة إلى الله سبحانه إلى أن توفاه الله؟
الجواب: تحمل الرسول ÷ الدعوة لقريش إلى الإسلام وإبلاغهم رسالة الله وإقامة حجته عليهم فأداها إليهم وكانت ثقيلة عليهم لما يعلم من أنفة قريش وشدتهم وكبريائهم فلاقى في سبيل ذلك ما لاقى من المكاره والشدائد، وكاد أن يقتل نفسه على آثارهم، فلما أدى الرسالة وأبلغهم الحجة أكمل بلاغ وبلغهم أبلغ بيان أمره الله بأن يهجرهم: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ١٠}[المزمل]، {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}[الشورى: ٤٧]، فليس عليك أن يدخلوا في الإسلام {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا}[المعارج: ٤٢]، {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ١٧}[الطارق]، فالذي وضعه الله تبارك وتعالى عن النبي ÷ هو تكليف دعوة قريش والناس تبع لقريش.