محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الليل

صفحة 646 - الجزء 4

  غضب الله تعالى إن هم تعرضوا لها، ولكنهم كذبوه فيما أخبرهم وحذرهم فجاءهم الله سبحانه وتعالى بعذابه، واستأصلهم بنكاله بسبب ذنوبهم فدمدم عليهم بيوتهم فسواها⁣(⁣١) بالأرض، وقد فعل الله سبحانه وتعالى بهم ذلك من غير أن يخاف أن يلحقه تبعة ما فعل بهم من العذاب.

  * * * * *

سورة الليل

  

  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى⁣(⁣٢) ١ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ٢ وَمَا⁣(⁣٣) خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٣ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ٤} أقسم الله سبحانه وتعالى بالليل عند غشيانه وبالنهار عند


(١) سؤال: يقال: كيف سواها بالأرض وهي لا تزال منحوتة في الجبال إلى يومنا هذا كما مر لكم في غير موضع من هذا التفسير المبارك؟

الجواب: كان لهم قصور في السهول: {تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا}⁣[الأعراف: ٧٤]، فتحمل الدمدمة على دمدمة القصور التي بنوها في السهول.

(٢) سؤال: ما الوجه في التعبير بالمضارع دون الماضي؟

الجواب: عبر هنا بالمضارع، وفي قوله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ٤}⁣[الشمس]، لإحضار صورة غشيان الليل ودخوله في ذهن السامع فيرى دخول الليل كأنه يراه بعينه وهو يغشى بظلمته كل شيء، وذلك من أجل تنبيه المخاطبين والسامعين ما في غشيان الليل من الآيات والنعم الدالة على عظمة الله وقدرته ورحمته بعباده وحكمته وتجلي النهار وإن دل على مثل ما دل عليه غشيان الليل من الآيات والنعم ... إلا أن في غشيان الليل زيادة ظاهرة، وذلك من حيث أن تجلي النهار وظهوره قد يسبب في حصول هم العمل في النهار من زراعة وسقي وبناء وسفر ورعي أغنام وصناعة طعام وطلب رزق ونحو ذلك من الأعمال، أما دخول الليل فإنه يبعث على الراحة والطمأنينة والهدوء وتستريح فيه النفوس وبسكونه وظلمته والنوم فيه تزول الأتعاب وتذهب الأوجاع والإرهاق ويتجدد النشاط كما لا يخفى.

(٣) سؤال: هل «ما» هنا مصدرية كما يبدو مما تقدم لكم أم موصولة؟

الجواب: «ما» هي المصدرية وقد قدمنا وجه ذلك في سورة الشمس عند قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ٥}.