محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة مريم

صفحة 539 - الجزء 2

سورة مريم

  

  {كهيعص ١ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ٢⁣(⁣١) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ٣} تبدأ هذه السورة بحكاية قصة زكريا # وما كان من دعائه لله سبحانه وتعالى بأن يرزقه الولد الصالح، وكيف استجاب الله له ورزقه بالولد؛ ليطلعنا الله سبحانه وتعالى على مدى قدرته وأنه لا يعجزه شيء.

  وكان زكريا قد دعا ربه بذلك الدعاء سراً مما يدل على أن دعاء السر أدعى للإجابة، وأقرب إلى الإخلاص لله سبحانه وتعالى.

  {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ٤} هذا هو الدعاء الذي دعا به زكريا # ربه، وهو أنه شكا عليه ضعفه ووهن عظامه وهزالها، وأنه قد صار كبير السن، وتمنى على الله سبحانه وتعالى أن لا يرد دعاءه الذي يدعوه به، فقد عوَّده أن لا يرد له سؤالاً، فقال في دعائه: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَاءِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي⁣(⁣٢) وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ٦} دعا الله سبحانه وتعالى أن يرزقه بالولد الصالح ليرثه ويرث العلم الذي تركه آل يعقوب الذي هو علم الكتاب


(١) سؤال: يا حبذا لو أعربتم: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ٢

الجواب: ذكر: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذا ذكر، أو المتلو ذكر، أو تقدر «كهيعص» هي المبتدأ وذكر: خبر، و «ذكر» مضاف و «رحمة» مضاف إليه، وهي مضافة لرب، وهو مضاف إلى الضمير، و «عبده»: مفعول به لرحمة، و «زكريا»: عطف بيان.

(٢) سؤال: ما الوجه في عدم جزم هذا الفعل «يرثني» مع أن ظاهره جواب الدعاء «هب»؟

الجواب: الوجه كون الجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر كأنه قيل: وما تبغي من الولد؟ وقد أعربت الجملة صفة لـ «ولياً»، ولو جزم لكان صحيحاً وقد قرئ بالجزم.