محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القدر

صفحة 661 - الجزء 4

سورة القدر

  

  {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ⁣(⁣١) فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ١ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ٢ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ٣ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ⁣(⁣٢) وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ⁣(⁣٣) مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ٤ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ٥}⁣(⁣٤) أنزل الله تعالى القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في شهر⁣(⁣٥) رمضان في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك على النبي ÷ مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة على حسب الحوادث والحاجة.


(١) سؤال: يقال: ما الوجه في الإضمار عن غير مذكور في قوله «أنزلناه»؟

الجواب: الإضمار عن غير مذكور قد كان لظهور فضله وعلو شرفه المغني عن التصريح باسمه.

(٢) سؤال: فضلاً ما موضع جملة «ليلة القدر خير» أم أنه لا موضع لها؟ وكذا جملة «تنزل الملائكة ..»؟

الجواب: «ليلة القدر ..» لا محل لها من الإعراب؛ لأنها جواب للسؤال المذكور، ولا محل أيضاً لجملة «تنزل الملائكة ..» لأنها مستأنفة لبيان العلة والسبب.

(٣) سؤال: بم تعلق الجار والمجرور «بإذن ربهم»؟

الجواب: تعلق بقوله: «تنزل ...».

(٤) سؤال: لم يظهر لنا معنى «من» في قوله: «من كل أمر» إذا جعلناها متعلقة بما قبلها وقول بعضهم إنها بمعنى الباء خلاف الظاهر، فما رأيكم أن تكون متعلقة هي ومجرورها بمحذوف خبراً مقدماً لقوله «سلام»؟ أم كيف الحل؟ وما إعراب «هي حتى مطلع الفجر» على الرأيين؟

الجواب: معنى «من» التعليل وهي متعلقة بتنزل الملائكة ... أي: تنزل من أجل كل أمر، ودليل ذلك قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ٤}⁣[الدخان]، أي: أنها تنزل من أجل ذلك الأمر الذي هو فرق كل أمر حكيم، فـ «كل أمر» في هذه السورة هو «كل أمر» الذي في سورة الدخان {أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ٥}⁣[الدخان]، فلا حاجة حينئذ إلى القول إن «من» بمعنى الباء ولا أنها متعلقة بمحذوف خبر مقدم وسلام مبتدأ مؤخر. «سلام» هو خبر لمبتدأ محذوف أي: هي سلام، وقوله: «هي حتى مطلع الفجر» مبتدأ وخبر.

(٥) سؤال: ما الموجب لهذا التأويل؟ وهل يصح أن نحمل «أنزلناه» على ابتدأنا إنزاله ليوافق تنجيمه وتفريقه أم لا؟

الجواب: الموجب لذلك أن القرآن نزل على النبي ÷ مفرقاً منجماً ولم ينزل جملة واحدة، ولا يصح حمله على أن المراد أن الله تعالى ابتدأ إنزاله في ليلة القدر؛ لأن الظاهر من قوله: «أنزلناه» أنه أنزله كله في ليلة القدر، ولأن الظاهر أن ابتداء الوحي كان في ربيع الأول ولم يكن في رمضان.