محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزخرف

صفحة 102 - الجزء 4

سورة الزخرف

  

  {حم ١ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ٢} أقسم الله سبحانه وتعالى بالقرآن الذي هو الكتاب المبين، الواضحة حججه وبيناته، وأقسم بالقرآن ليلفت انتباه المشركين إلى الاستماع والإنصات لآياته؛ لعلمهم أن المقسم لا يقسم إلا بشيء له شأن عظيم.

  {إِنَّا جَعَلْنَاهُ⁣(⁣١) قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٣} هذا هو المقسم عليه، وهو أنه تعالى قد أنزله قرآناً عربياً ليفهموا آياته ويعقلوها ويتدبروا فيها.

  {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ٤} وأقسم لهم أيضاً بأن هذا الكتاب الذي أنزله عليهم محفوظ عنده في اللوح المحفوظ ليس للشياطين إليه سبيل.

  و {أُمِّ الْكِتَابِ} هو المكان⁣(⁣٢) الذي أعده الله سبحانه وتعالى لحفظ كتبه من التوراة والإنجيل والقرآن وغير ذلك من الكتب، ليبين أن للقرآن منزلة عظيمة ومكانة رفيعة عنده تعالى.

  {أَفَنَضْرِبُ⁣(⁣٣) عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ ٥} أتظنون أيها المشركون أنا سوف نترك إنزال الوحي عليكم ما دمتم على حالتكم هذه من


(١) سؤال: روي عن ابن عباس في هذه الآية أن معناها: خلقناه عربياً، فهل ترون ذلك مناسباً؟

الجواب: تفيد «جعلنا» أن القرآن مجعول والله ø هو الجاعل والجاعل يكون متقدماً على المجعول، وعلى هذا فلا يصح أن يكون القرآن قديماً. وجعلنا تكون بمعنى: خلقنا أو صيرنا، وتفسير ابن عباس صحيح تشهد لصحته اللغة، وبعد فابن عباس من أهل اللغة الذين يحتج بكلامهم.

(٢) سؤال: هل عرف عن هذا المكان شيء؟

الجواب: الذي عرف أنه في السماء لا تحضره إلا الملائكة المطهرون.

(٣) سؤال: ما يكون معنى الاستفهام هنا؟ وما إعراب «صفحاً»؟ وما محل المصدر «أن كنتم قوماً»؟

الجواب: الاستفهام استنكاري. «صفحاً» مفعول مطلق مرادف لمعنى: نضرب، يقال: ضرب عن كذا وأضرب عنه، وهذا - تقريباً - أحسن ما قيل فيه. «أن كنتم قوماً» في محل جر بلام التعليل محذوفة، أو محله النصب بنزع الخافض.