سورة الروم
سورة الروم
  
  {الم ١ غُلِبَتِ الرُّومُ ٢ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ٣ فِي بِضْعِ سِنِينَ} يحكي الله سبحانه وتعالى عن الروم وما جرى عليهم بعد أن كان قد مكنهم في الأرض، فأخبر أنهم غُلبوا في أدنى(١) الأرض وأقربها إلى بلاد العرب، وأراد بها بلاد الشام(٢)، فكانت تحت سيطرتهم، وذلك أنها نشبت بينهم الحرب مع فارس، وكانت هاتان الدولتان هما أعظم الدول في ذلك الوقت.
  وأخبر تعالى أنهم بعد غلبتهم هذه سيستعيدون قوتهم، وينتصرون على فارس ويغلبونهم، وأن موعد غلبهم هذا بعد بضع سنين، والبضع من الثلاثة إلى التسعة.
  {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} فهو الذي هيأ للروم هذا النصر والغلبة لغرض ومصلحة يعلمها، وهي ما ذكره في قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ٤ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ٥} وهذه المصلحة هي ما يعود على المسلمين من نصر الروم، وذلك أن فارس كانت أشد عداوة للدين
(١) سؤال: سمعنا عن بعض المختصين في العصر الحديث أنهم نظروا في مكان المعركة بين الروم وفارس فوجدوها أخفض مكان بالنسبة لمستوى سطح البحر، ففسروا بها لفظة «أدنى»؛ فما رأيكم في ذلك؟
الجواب: لا مانع من التفسير بذلك، فللقرآن أسرار، وهو ذو وجوه يصح تفسيره بكل الوجوه التي يحتملها اللفظ ما لم يمنع مانع.
(٢) سؤال: قد يشكل علينا أن بلاد الشام من بلاد العرب، فكيف؟
الجواب: بلاد العرب هي الجزيرة العربية وشيء من أطرافها الشمالية، وبلاد الشام والعراق ليست أصلاً من بلاد العرب سوى شيء من الأجزاء الجنوبية من العراق وبلاد الشام، وإنما تعربت العراق والشام بعد الفتوح الإسلامية.