سورة الإنسان
سورة الإنسان
  
  {هَلْ(١) أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ١} قد أتى على الإنسان وقت طويل، ومضى عليه دهر وزمان لم يكن فيه شيئاً يذكر ثم كان بعد أن لم يكن، ووجد من بعد العدم.
  {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ(٢) نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ٢} خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وأوجده بعد العدم من النطفة المختلطة من ماء الرجل وماء المرأة، ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد خلق الإنسان في الدنيا ليختبره بالتكاليف والشرائع هل سيطيع ربه أم يتمرد عليه؟ وذلك بعد أن أعطاه(٣) القدرة
(١) سؤال: يقال: قد نص كثير من علماء التفسير والإعراب بأن «هل» هنا بمعنى «قد» لكن هل لأنه ثبت لغة أن «هل» تحل محل قد في مثل هذا الموضع؟ أم لأنه استفهام تقريري بمعنى «قد» فلعله لا يوافق ضابط الاستفهام التقريري فكيف؟
الجواب: ذهب الزمخشري إلى أن «هل» أبداً بمعنى قد، وأن الاستفهام بهمزة مقدرة «أهل». ولا مانع من أن تكون للاستفهام التقريري أي: طلب الإقرار بما بعدها كما أن التقرير في قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١}[الشرح]، إنما هو لما بعد النفي.
(٢) سؤال: ما نوع اسمية «أمشاج»؟
الجواب: «أمشاج» جمع مشج أو مشيج يقال: مشجت الشيء إذا خلطته والمراد مجموع مني الرجل والمرأة، ولكل منهما أجزاء، فالمراد أن النطفة التي يخلق منها الإنسان مكونة من أجزاء مختلفة.
(٣) سؤال: هل ترون أن في الآية تقديماً وتأخيراً فموضع «نبتليه» بعد قوله: «سميعاً بصيراً» أم كيف؟ وما إعراب «نبتليه» مما يتوافق مع معناه فهي تشكل كثيراً؟
الجواب: لا داعي لما ذكرتم من التقديم والتأخير فالمعنى مستقيم على ظاهر الترتيب في الكلام، و «نبتليه» جملة حالية من فاعل «خلقنا» أي: مبتلين له والحال مقدرة، ويصح أن تكون الجملة استئنافاً بيانياً لبيان الحكمة والعلة في خلقه تعالى للإنسان، وقوله: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ٢} معطوف على ما قبله عطف المسبب على السبب أي: أن خلق الإنسان للابتلاء والاختبار سبب وعلة لجعله سميعاً وبصيراً.