سورة النساء
سورة النساء
  
  {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} يعني لا تتعرضوا لسخطه وعقابه وعذابه بفعل ما نهاكم عنه، فتوقفوا عند حدوده وأطيعوه؛ فإذا خالفتموه فلم تتقوه، والتقوى هي: أن يطاع الله فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.
  {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهي آدم {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} خلق حواء من جنسه وهو أن الله خلقهما جميعاً من شيء واحد وهو الطين.
  وقول من يقول: إنها ولدت منه وخرجت منه - كلام غير مقبول(١).
  {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} من آدم وحواء، وهنا إشارة إلى أن بين البشر عامة أواصر رحم يجب أن توصل، فلا يقطع أحد هذه الأواصر، وصلتُهم هي أن يرشدهم ويعلمهم، ويحاول أن يدخلهم في الهدى، ويبذل النصح لهم.
  {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَّاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} كان المشركون يقولون: أسألك بالله وبالرحم، وكانوا يخافون من قطيعة الرحم، وفي يوم بدر قبل بدء المعركة صاح المشركون فدعوا وقالوا: اللهم أقطعنا للرحم فأَحِنْه اليوم؛ ظناً منهم أن النبي ÷ هو الذي قطع رحمهم، ومعنى: أحنه اليوم: اجعل حينه وموته هذا اليوم - وحصلت الهزيمة في أبي جهل وبقية قريش؛ فخاطبهم الله بهذا الذي يراعونه: اتقوا الله الذي
(١) سؤال: يقال: وهل يصح أنها خلقت من ضلع أعوج كما ورد في الروايات، أو أخذ شيئاً من تلك النفس؟ وخلق منه حواء؟
الجواب: قد صح الأثر أنها خلقت من ضلع أعوج، ولكن المعنى المقصود في هذا هو مثل المعنى المقصود في قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}[الأنبياء: ٣٧]، وقد بين ÷ المعنى بما معناه: «فإن ذهبت تقيمه كسرته، وكسرها طلاقها، وإلا استمتعت به مع اعوجاجه»، وهذا مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}[النحل: ٧٢]، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}[التوبة: ١٢٨].