سورة الإسراء
سورة الإسراء
  
  {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١} تقدس الله وتعالى عن أن يكون له شريك أو مثيل أو شبيه، يقص الله سبحانه وتعالى علينا كرامته لنبيه ÷، وذلك أنه كان قد أصاب النبي ÷ الضيق والغم، ودخلت الشكوك في قلبه عندما رأى من المشركين عدم الاستجابة له، واتهم نفسه بالنقص والتقصير في دعوته؛ لما يراه فيهم من زيادة العناد والتمرد، فأسرى به الله سبحانه وتعالى ليرفع من شأنه، ويرد عليه معنوياته، ويعرف أنه لم يكن منه أي تقصير في تبليغ دعوته، وأنه لم ينقص من قدره شيء عنده تعالى، وكذلك ليشاهد آثار الأنبياء قبله(١)؛ لأن المسجد الأقصى في بلاد الشام، وكانت مهبط الأنبياء والمرسلين، فإذا شاهد آثارهم ازداد طمأنينة، وازدادت معنوياته وهمته ونشاطه في مواصلة نشر دعوته، وتبليغ رسالة ربه؛ لان الله سبحانه وتعالى عالم بأن فعله هذا سيزيد من نشاطه، وسيزيل ما كان أصابه من الأسى والحزن بسبب عدم استجابة المشركين له.
  وأخبر أن أرض الشام جعلها أرضاً مباركة لما فيها من كثرة المياه وخصب
(١) سؤال: هل تقصر الآيات في قوله: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} على مشاهدة آثار الأنبياء، أم أن هناك آيات أخرى مثل معجزة قطع المسافة في ليلة واحدة ونحو ذلك؟
الجواب: قطع المسافة الطويلة في ليلة واحدة آية من آيات الله تعالى أراها الله تعالى نبيه ÷ فتكون من ضمن آيات الله التي في قوله تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا}، وقد يكون المراد بالآيات غير ذلك وهو ما ذكره الله تعالى في سورة النجم عند ذكره تعالى لمعراج النبي ÷ إلى السماء: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ١٢} إلى قوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ١٨}.