سورة الفتح
سورة الفتح
  
  {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ١} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ مبشراً له بفتح مكة(١)، وأنه سيفتحها له فتحاً عظيماً، وسيدخلها بنصر مؤزر، وسيظهره على أهلها ويمكنه منهم حتى يستسلموا له صاغرين ويدخلوا في الإسلام مكرهين، وبهذا الفتح العظيم دخلت بقية قبائل العرب في الإسلام أفواجاً؛ لأن قريشاً كانت لهم المنزلة العليا بين القبائل العربية، وكانت المهيمنة والمسيطرة، وكانت الكلمة كلمتهم، والأمر أمرهم، وهم الذين وقفوا في وجه دعوة النبي ÷، وصدوا الناس عن اتباعه أو السماع له، فلما أسلموا أسلم بإسلامهم بقية القبائل العربية.
  {لِيَغْفِرَ(٢) لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ٢ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ٣} وذلك أن الناس كانوا قد أذنبوا إلى النبي ÷ عندما كفروا به في بداية أمره ولم يصدقوا دعوته(٣)، فأخبر الله
(١) سؤال: يقال: هل يصح أن يحمل الفتح أيضاً على صلح الحديبية نظراً لما حصل فيه من منافع عظيمة للإسلام أم لا؟ وما المرجحات لأحدهما دون الآخر؟
الجواب: الذي يظهر لي - والله أعلم - أن الفتح فتح مكة، وصلح الحديبية وما ترتب عليه من منافع ومصالح عظيمة هي بداية الفتح ومبشراته، هذا ما ظهر لي فمن قال إن المراد صلح الحديبية فقوله صحيح لأنه بدايته، ومن قال فتح مكة فقوله صحيح؛ لأنه الحدث الأكبر الذي تحقق فيه أعظم الفتح على أكبر عدو للإسلام والقضاء على ألدِّ الخصام.
(٢) سؤال: لم يظهر لنا كون المغفرة علة لفتح مكة؟
الجواب: لم تكن المغفرة وحدها علة لفتح مكة بل هي وإتمام النعمة على النبي ÷ وهدايته ونصره نصراً عزيزاً. ومعنى «ليغفر لك الله» أي: ليمحو الله العداوات التي تقدمت لك من المشركين والتي تأخرت وذلك بدخول المشركين في الإسلام.
(٣) سؤال: ما أروع هذا المحمل وقد رأيت نحوه للإمام أبي الفتح الديلمي، لكن كيف أضيف الذنب إلى النبي ÷؟ وما هي الذنوب المتأخرة التي غفرها الله لهم بإسلامهم؟
الجواب: قد ذكرنا في جواب السؤال السابق أن المعنى: ليمحو الله العداوات المتقدمة إليك من =