سورة الأحزاب
سورة الأحزاب
  
  {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ١} وجه الله سبحانه وتعالى خطابه للنبي ÷ والمراد به غيره؛ لأنه ÷ كان من أهل العصمة، وقد أراد الله سبحانه وتعالى لعباده أن يتقوا عذابه وسخطه ويتركوا ما يوجب ذلك من المعاصي، وتقوى الله سبحانه وتعالى تكون بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
  وكان أهل الكفر يدارون النبي ÷ لأن يفعل لهم بعض ما يريدون من دينهم، وأن يتساهل معهم في بعض آخر من أعمال الكفر، ويعدونه بأنه إن فعل ذلك ورضي لهم فسيؤمنون له ويصدقون ما جاء به.
  وكذلك المنافقون كانوا يعرضون على النبي ÷ أن يفعل معهم مثل ذلك من الأعمال التي لا ترضي الله تعالى فنهاه عن طاعتهم وعن الاستماع لهم أو الميل إلى شيء مما يقترحونه عليه، وأمره أن يترك مشورتَهم وأخذَ الرأي منهم؛ لأنهم لن ينصحوا للإسلام، ولن يشيروا عليه إلا بما فيه فساد أمر الدين، وزرع الفرقة بين المسلمين(١).
(١) سؤال: يقال: إذاً فالأمر موجه إلى النبي ÷ فكيف؟ وهل يصح أن يحمل على أنه أمر بالاستمرار في التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين؟ وأن المراد به النبي ÷ ولو كان معصوماً؛ إذ العصمة لا تسقط التكليف، وقد يكون فيه لطف لبقية المكلفين حينما يشعرون بأن الأمر لا زال للمعصوم، وسيعظم عندهم هذا الأمر ويكون منهم اهتمام بالغ؟
الجواب: الأمر موجه للنبي ÷ وهو المخاطب به، وكما ذكرتم فإنه يراد منه الاستمرار على تقوى الله وترك طاعة الكافرين والمنافقين، والمراد أتباعه المؤمنين، وهذا كما يقال: من باب «إياك أعني واسمعي يا جارة»، ودليل ذلك قوله: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ٢}، فوجه الخطاب إلى أتباعه ÷ في آخر هذه الآية.