محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحديد

صفحة 353 - الجزء 4

سورة الحديد

  

  {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١} ابتدأ الله سبحانه وتعالى هذه السورة بالحث على تسبيحه وتقديسه إذ كل ما في السماوات والأرض ناطق بتنزيهه وتقديسه وشاهد بوحدانيته بلا شريك أو مثيل أو مكافئ، فكل مخلوق في السماوات والأرض آية ناطقة دالة على أن مدبراً دبره، وخالقاً خلقه وابتدعه، لا كفؤ له ولا مثيل في القدرة والعظمة والحكمة، وهذا هو المراد بتسبيح هذه المخلوقات.

  ولو نظر العاقل وتفكر في كل ما يراه أمامه في هذا الكون لعلم أنه بأسره لحكمة بالغة وغرض واحد، مما يدل على أنه لا يصح أن يكون هناك إلا إله واحد، وأنه لو كان هناك خالق مع الله تعالى لانفرد كل إله بخلقه، ولحصل بينهما التنازع والتخاصم والتشاجر؛ إذاً فترابط هذه الأشياء التي نراها ونرى إحكامها واشتراكها في مصلحة واحدة دلالة قاطعة على إله ومدبر واحد في غاية الحكمة والقدرة والعلم وهو الله رب العالمين.

  {لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}⁣(⁣١) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن صفات الإله الذي تشهد له كل المخلوقات بالربوبية، بأنه يختص بملك السماوات والأرض لا يشاركه في ملكها أحد.

  {يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢} وبيده وحده حياة الكائنات وموتها؛ لأنه المالك لأمرهم والمتصرف فيهم لا يعجزه شيء وكل شيء تحت قدرته وفي قبضته.


(١) سؤال: هل هذه الجملة استئنافية أم صفة؟

الجواب: هذه الجملة وما بعدها من الجمل مستأنفات لبيان أنه المستحق للتسبيح دون ما يعبد من دونه وأنه أهل الطاعة والعبادة فسرد عدداً من الجمل على سبيل التعداد تتضمن تلك الجمل المعدودة ما له من الكمال والجلال والقوة والعلم والسلطان و ... إلخ.