محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة التين

صفحة 656 - الجزء 4

  وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ⁣(⁣١) أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ٦} أقسم الله سبحانه وتعالى بالتين والزيتون، والتين: فهو ما يعرف بـ «البلس» عندنا، والزيتون: فهو الشجرة المباركة التي تنبت في أرض الشام؛ أقسم الله سبحانه وتعالى بهما لما للناس فيهما من المنافع العظيمة، وليلفت أنظارهم إلى نعمة الله تعالى عليهم بهاتين الثمرتين، وأقسم الله سبحانه وتعالى بجبل الطور الواقع بسيناء⁣(⁣٢) وهو الجبل الذي كلم الله سبحانه وتعالى عنده موسى #، وهو جبل مبارك، وأقسم بمكة وهي البلد الآمن، وذلك ليذكِّر الناس بنعمته عليهم بالحرم المحرم الآمن.

  أقسم الله سبحانه وتعالى بكل ذلك على أنه أكرم الإنسان في خلقه حين خلقه منتصب القامة ومرتفع الهامة وبادي البشرة يأكل بيديه، ويتكلم بما يريد بلسانه ويفصح عما في ضميره بحسن بيانه، واختصه بالعقل الذي يميز به بين حقائق الأمور، ويتبين به الحق من الباطل والهدى من الضلال، وبه يسيطر الإنسان على سائر المخلوقات، ولكن الإنسان لسوء اختياره ضل عن الهدى وسار في طرق الضلال التي أوردته جهنم وبئس القرار، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم يوم القيامة أجر عظيم في جنات النعيم لا ينقطع أبداً.


= بعذاب النار، فهذا هو وجه ما ذكرنا في التفسير.

ولا مانع من تفسير ذلك بما ذكرتم، ويكون الاستثناء منقطعاً، غير أن الأولى هو ما ذكرنا وقد بينا وجه الأولوية مع بقاء الاستثناء على ظاهره.

(١) سؤال: إذا كان «إلا الذين آمنوا» مستثنى فما تكون الفاء في قوله: «فلهم»؟

الجواب: قد يكون المستثنى جملة وعليه فيكون «الذين» مبتدأ وجملة «فلهم أجر» في محل رفع خبر، والفاء رابطة لتضمن المبتدأ معنى الشرط.

(٢) سؤال: يقال: فما وجه التعبير عنه بـ «سينين»؟

الجواب: أصل الاسم أعجمي، فلما استعمله العرب تصرفوا فيه بما يلائم ألسنتهم كتصرفهم في اسم جبريل فقالوا: جبرائيل وجبرئلَّ وإبراهيم وإبراهام ولذلك أمثلة كثيرة.