شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أخبار يوم صفين

صفحة 16 - الجزء 4

  قال: وعسكر علي # على الماء، وعسكر معاوية فوقه على الماء أيضا، ومشت القراء فيما بين علي # ومعاوية، منهم: عبيدة السلماني، وعلقمة بن قيس النخعي، وعبد الله بن عتبة، وعامر بن عبد القيس، وقد كان في بعض تلك السواحل، فانصرف إلى عسكر علي # فدخلوا على معاوية فقالوا: يا معاوية، ما الذي تطلب؟ قال: أطلب بدم عثمان.

  قالوا: ممن تطلب بدم عثمان؟ قال: أطلبه من علي.

  قالوا: وعلي قتله؟ قال: نعم هو قتله وآوى قتلته، فانصرفوا من عنده فدخلوا على علي # فقالوا: إن معاوية يزعم أنك قتلت عثمان، قال: اللهم لكذب فيما قال لم أقتله.

  فرجعوا إلى معاوية فأخبروه، فقال لهم: إنه إن لم يكن قتله بيده فقد أمر ومالأ فرجعوا إلى علي، فقالوا: إن معاوية يزعم أنك إن لم تكن قلت بيدك فقد أمرت ومالأت على قتل عثمان، فقال: اللهم لكذب فيما قال، فرجعوا إلى معاوية، فقالوا: إن عليا يزعم أنه لم يفعل، فقال معاوية: إن كان صادقا فليقدنا من قتلة عثمان، فإنهم في عسكره وجنده وأصحابه وعضده، فرجعوا إلى علي # فقالوا: إن معاوية يقول لك إن كنت صادقا فادفع إلينا قتلة عثمان أو مكنا منهم، فقال لهم: إن القوم تأولوا عليه القرآن ووقعت الفرقة فقتلوه في سلطانه، وليس على ضربهم قود فخصم علي معاوية.

  قلت: على ضربهم هاهنا على مثلهم يقال زيد: ضرب عمرو، ومن ضربه، أي: مثله ومن صنفه ولا أدري لم عدل # عن الحجة بما هو أوضح من هذا الكلام، وهو أن يقول: إن الذين باشروا قتله بأيديهم كانوا اثنين وهما قتيرة بن وهب، وسودان بن حمران، وكلاهما قتل يوم الدار قتلهما عبيد عثمان والباقون الذين هم جندي وعضدي