شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أخبار يوم صفين

صفحة 17 - الجزء 4

  كما تزعمون لم يقتلوا بأيديهم، وإنما أغروا به وحصروه وأجلبوا عليه، وهجموا على داره، كمحمد بن أبي بكر، والأشتر، وعمرو بن الحمق، وغيرهم، وليس على مثل هؤلاء قود.

  قال نصر: فقال لهم معاوية: إن كان الأمر كما تزعمون فلم ابتز الأمر دوننا على غير مشورة منا ولا ممن هاهنا معنا، فقال علي #: إن الناس تبع المهاجرين والأنصار، وهم شهود للمسلمين في البلاد على ولاتهم، وأمراء دينهم فرضوا بي وبايعوني، ولست أستحل أن أدع ضرب معاوية يحكم بيده على الأمة ويركبهم ويشق عصاهم.

  فرجعوا إلى معاوية فأخبروه بذلك، فقال: ليس كما يقول، فما بال من هاهنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر ويؤامروا فيه.

  فانصرفوا إلى علي #، فأخبروه بقوله، فقال: ويحكم هذا للبدريين دون الصحابة ليس في الأرض بدري إلا وقد بايعني، وهو معي أو قد قام ورضي فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم.

  قال نصر: فتراسلوا بذلك ثلاثة أشهر ربيع الآخر وجماديين، وهم مع ذلك يفزعون الفزعة فيما بينهما، فيزحف بعضهم إلى بعض وتحجز القراء بينهم.

  قال: فزعوا في ثلاثة أشهر خمسا وثمانين فزعة كل فزعة يزحف بعضهم إلى بعض، وتحجز القراء بينهم لا يكون بينهم قتال.

  قال نصر: وخرج أبو أمامة الباهلي وأبو الدرداء فدخلا على معاوية وكانا معه، فقالا: يا معاوية، علام تقاتل هذا الرجل، فو الله لهو أقدم منك إسلاما وأحق بهذا