شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أخبار يوم صفين

صفحة 18 - الجزء 4

  الأمر، وأقرب من رسول الله ÷ فعلام تقاتله؟ فقال: أقاتله على دم عثمان وإنه آوى قتلته، فقولوا له فليقدنا من قتلته، وأنا أول من بايعه من أهل الشام.

  فانطلقوا إلى علي # فأخبروه بقول معاوية، فقال: إنما يطلب الذين ترون فخرج عشرون ألفا أو أكثر متسربلين الحديد لا يرى منهم إلا الحدق، فقالوا: كلنا قتله، فإن شاءوا فليروموا ذلك منا فرجع أبو أمامة وأبو الدرداء، فلم يشهدا شيئا من القتال.

  قال نصر حتى إذا كان رجب وخشي معاوية أن يتابع القراء عليا # أخذ في المكر، وأخذ يحتال للقراء لكيما يحجموا ويكفوا حتى ينظروا.

  قال: فكتب في سهم من عبد الله الناصح إني أخبركم أن معاوية يريد أن يفجر عليكم الفرات فيغرقكم فخذوا حذركم، ثم رمى بالسهم في عسكر علي #، فوقع السهم في يد رجل، فقرأه ثم أقرأه صاحبه، فلما قرأه، وقرأته الناس، وأقرأه من أقبل وأدبر قالوا: هذا أخ لنا ناصح كتب إليكم يخبركم بما أراد معاوية، فلم يزل السهم يقرأ ويرتفع حتى رفع إلى علي #، وقد بعث معاوية مائتي رجل من العملة إلى عاقول من النهر بأيديهم المرور والزبل يحفرون فيها بحيال عسكر علي #، فقال علي #: ويحكم إن الذي يعالج معاوية لا يستقيم له ولا يقوى عليه، إنما يريد أن يزيلكم عن مكانكم فانتهوا عن ذلك، فقالوا له لا ندعهم والله يحفرون، فقال علي #: لا تكونوا ضعفى ويحكم لا تغلبوني على رأيي، فقالوا: والله لنرتحلن، فإن شئت فارتحل وإن شئت فأقم فارتحلوا وصعدوا بعسكرهم مليا، وارتحل علي # في أخريات الناس وهو يقول: