شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أخبار يوم صفين

صفحة 22 - الجزء 4

  لا نرد ذلك عليه، أرأيتم قتلة صاحبنا؟ ألستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به ونحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة؟ فقال له شبث بن ربعي: أيسرك بالله يا معاوية، إن أمكنت من عمار بن ياسر فقتلته؟ قال: وما يمنعني من ذلك، والله لو أمكنني صاحبكم من ابن سمية ما قتلته بعثمان، ولكني كنت أقتله بنائل مولى عثمان.

  فقال شبث: وإله السماء ما عدلت معدلا ولا، والذي لا إله إلا هو لا تصل إلى قتل ابن ياسر حتى تندر الهام عن كواهل الرجال، وتضيق الأرض الفضاء عليك برحبها.

  فقال معاوية: إنه إذا كان ذلك كانت عليك أضيق.

  ثم رجع القوم عن معاوية، فبعث إلى زياد بن خصفة من بينهم، فأدخل عليه فحمد معاوية الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، يا أخا ربيعة، فإن عليا قطع أرحامنا وقتل إمامنا، وآوى قتلة صاحبنا، وإني أسألك النصرة بأسرتك وعشيرتك، ولك علي عهد الله وميثاقه إذا ظهرت أن أوليك، أي: المصرين أحببت.

  قال أبو المجاهد: فسمعت زياد بن خصفة يحدث بهذا الحديث.

  قال: فلما قضى معاوية كلامه حمدت الله وأثنيت عليه، ثم قلت: أما بعد، فإني لعلى بينة من ربي وبما أنعم علي، فلن أكون ظهيرا للمجرمين، ثم قمت.

  فقال معاوية لعمرو بن العاص: وكان إلى جانبه ما لهم عضبهم الله ما قلبهم إلا قلب رجل واحد.

  قال نصر: وحدثنا سليمان بن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود