شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر المنحرفين عن علي #

صفحة 78 - الجزء 4

  ما تقول لربك غدا تؤتى بالرجل، فيقال لك هو من الخوارج فتأمر بقتله، ثم تؤتى بآخر فيقال لك: ليس الذي قتلته بخارجي ذاك فتى وجدناه ماضيا في حاجته فشبه علينا، وإنما الخارجي هذا فتأمر بقتل الثاني، فقال سمرة: وأي بأس في ذلك إن كان من أهل الجنة مضى إلى الجنة، وإن كان من أهل النار مضى إلى النار.

  وروى واصل مولى أبي عيينة، عن جعفر بن محمد بن علي #، عن آبائه قال: كان لسمرة بن جندب نخل في بستان رجل من الأنصار، فكان يؤذيه فشكا الأنصاري ذلك إلى رسول الله ÷، فبعث إلى سمرة فدعاه فقال له: بع نخلك من هذا وخذ ثمنه.

  قال: لا أفعل.

  قال: فخذ نخلا مكان نخلك.

  قال: لا أفعل.

  قال: فاشتر منه بستانه.

  قال: لا أفعل.

  قال: فاترك لي هذا النخل ولك الجنة.

  قال: لا أفعل.

  فقال ÷ للأنصاري: اذهب فاقطع نخله، فإنه لا حق له فيه.

  وروى شريك قال: أخبرنا عبد الله بن سعد، عن حجر بن عدي قال: قدمت المدينة فجلست إلى أبي هريرة، فقال: ممن أنت؟ قلت: من أهل البصرة.

  قال: ما فعل سمرة بن جندب؟ قلت: هو حي.

  قال: ما أحد أحب إلي طول حياة منه.

  قلت: ولم ذاك؟ قال: إن رسول الله ÷ قال لي: وله ولحذيفة بن اليمان آخركم موتا في النار فسبقنا حذيفة، وأنا الآن أتمنى أن أسبقه.

  قال: فبقي سمرة بن جندب حتى شهد مقتل الحسين.

  وروى أحمد بن بشير عن مسعر بن كدام، قال: كان سمرة بن جندب أيام مسير