شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر المنحرفين عن علي #

صفحة 86 - الجزء 4

  أنبئه أن الهدى في اتباعنا ... فيأبى ويضريه المراء فيشغب

  فإن لا يشايعنا عفاق فإننا ... على الحق ما غنى الحمام المطرب

  سيغني الإله عن عفاق وسعيه ... إذا بعثت للناس جأواء تحرب

  قبائل من حيي معد ومثلها ... يمانية لا تنثني حين تندب

  لهم عدد مثل التراب وطاعة ... تود وبأس في الوغى لا يؤنب

  فقال له: عفاق لو كنت شاعرا لأجبتك، ولكني أخبركم عن ثلاث خصال كن منكم، والله ما أرى أن تصيبوا بعدهن شيئا مما يسركم.

  أما واحدة: فإنكم سرتم إلى أهل الشام حتى إذا دخلتم عليهم بلادهم قاتلتموهم، فلما ظن القوم أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف، فسخروا بكم فردوكم عنهم، فلا والله لا تدخلونها بمثل ذلك الجد والحد، والعدد الذي دخلتم به أبدا.

  وأما الثانية: فإنكم بعثتم حكما، وبعث القوم حكما، فأما حكمكم فخلعكم، وأما حكمهم فأثبتهم، فرجع صاحبهم يدعى أمير المؤمنين، ورجعتم متلاعنين متباغضين، فو الله لا يزال القوم في علاء، ولا تزالون في سفال.

  وأما الثالثة: فإنه خالفكم قراؤكم وفرسانكم، فعدوتم عليهم فذبحتموهم بأيديكم، فو الله لا تزالون بعدها متضعضعين.

  قال: وكان يمر عليهم بعد فيقول: اللهم إني منهم بري ء، ولابن عفان ولي، فيقولون: اللهم إنا لعلي أولياء ومن ابن عفان برآء ومنك يا عفاق.