شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قطري بن الفجاءة المازني

صفحة 170 - الجزء 4

  قال: سل.

  قال: أي الخمر أطيب خمر السهل أم خمر الجبل؟ قال: ويحك، أمثلي يسأل عن هذا؟ قال: قد أوجبت على نفسك أن تجيب.

  قال أما إذ أبيت، فإن خمر الجبل أقوى وأسكر، وخمر السهل أحسن وأسلس.

  قال: فأي الزواني أفره، أزواني رامهرمز أم زواني أرجان؟ قال: ويحك، إن مثلي لا يسأل عن هذا.

  قال: لا بد من الجواب أو تغدر.

  قال: أما إذ أبيت فزواني رامهرمز أرق أبشارا، وزواني أرجان أحسن أبدانا.

  قال: فأي الرجلين أشعر جرير أم الفرزدق؟ قال: عليك وعليهما لعنة الله.

  قال: لا بد أن تجيب.

  قال: أيهما الذي يقول:

  وطوى الطراد مع القياد بطونها ... طي التجار بحضرموت برودا

  قال: جرير.

  قال: فهو أشعرهما.

  قال أبو الفرج: وقد كان الناس تجادلوا في أمر جرير، والفرزدق في عسكر المهلب حتى تواثبوا، وصاروا إليه محكمين له في ذلك، فقال: أتريدون أن أحكم بين هذين الكلبين المتهارشين، فيمضغاني ما كنت لأحكم بينهما، ولكني أدلكم على من يحكم بينهما، ثم يهون عليه سبابهما عليكم بالشراة، فاسألوهم إذا تواقفتم فلما تواقفوا، سأل أبو حزابة عبيدة بن هلال عن ذلك، فأجابه بهذا الجواب.

  وروى أبو الفرج: أن امرأة من الخوارج كانت مع قطري بن الفجاءة يقال لها: أم حكيم، وكانت من أشجع الناس، وأجملهم وجها وأحسنهم بالدين تمسكا وخطبها