قطري بن الفجاءة المازني
  بأحق بالخندق منك فعبر دجيلا إلى شق نهر تيرى، واتبعه قطري، فصار إلى مدينة نهر تيرى، فبنى سورها وخندق عليها، فقال المهلب لخالد: خندق على نفسك، فإني لا آمن البيات، فقال: يا أبا سعيد، الأمر أعجل من ذاك، فقال المهلب لبعض ولده إني أرى أمرا ضائعا، ثم قال لزياد بن عمرو خندق علينا، فخندق المهلب على نفسه، وأمر بسفنه ففرغت، وأبى خالد أن يفرغ سفنه، فقال المهلب لفيروز حصين صر معنا، فقال: يا أبا سعيد، إن الحزم ما تقول غير إني أكره أن أفارق أصحابي.
  قال: فكن بقربنا.
  قال: أما هذه فنعم.
  وقد كان عبد الملك كتب إلى بشر بن مروان يأمره أن يمد خالدا بجيش كثيف، أميره عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، ففعل فقدم عليه عبد الرحمن، فأقام قطري يغاديهم القتال ويراوحهم أربعين يوما، فقال المهلب لمولى أبي عيينة: سر إلى ذلك الناوس فبت عليه كل ليلة، فمتى أحسست خبرا للخوارج أو حركة أو صهيل خيل فأعجل إلينا.
  فجاءه ليلة فقال: قد تحرك القوم، فجلس المهلب بباب الخندق، وأعد قطري سفنا فيها حطب وأشعلها نارا، وأرسلها على سفن خالد، وخرج في أدبارها حتى خالطهم لا يمر برجل إلا قتله، ولا بدابة إلا عقرها، ولا بفسطاط إلا هتكه، فأمر المهلب يزيد ابنه، فخرج في مائة فارس، فقاتل وأبلي عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث يومئذ بلاء حسنا، وخرج فيروز حصين في مواليه فلم يزل يرميهم بالنشاب هو ومن معه فأثر أثرا جميلا وصرع يزيد بن المهلب يومئذ، وصرع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فحامى عنهما أصحابهما حتى ركبا، وسقط فيروز حصين في