طرف من أخبار المهلب وبينه
  وجوادهم وسخيهم قبيصة، ولا يستحي الشجاع أن يفر من مدرك، وعبد الملك سم ناقع، وحبيب موت ذعاف، ومحمد ليث غاب، وكفاك بالفضل نجدة فقال له: فكيف خلفت جماعة الناس؟ قال: خلفتهم بخير قد أدركوا ما أملوا وأمنوا ما خافوا.
  قال: فكيف كان بنو المهلب فيهم؟ قال: كانوا حماة السرح، فإذا أليلوا ففرسان البيات.
  قال: فأيهم كان أنجد.
  قال: كانوا كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها.
  قال: فكيف كنتم أنتم وعدوكم؟ قال: كنا إذا أخذنا عفونا، وإذا أخذوا يئسنا منهم، وإذا اجتهدنا واجتهدوا طمعنا فيهم.
  قال الحجاج: إن العاقبة للمتقين، فكيف أفلتكم قطري؟ قال: كدناه وظن أن قد كادنا بأن صرنا منه إلى التي نحب.
  قال: فهلا اتبعتموه؟ قال: كان حرب الحاضر آثر عندنا من اتباع الفل.
  قال: فكيف كان المهلب لكم وكنتم له؟ قال: كان لنا منه شفقة الوالد وله منا بر الولد.
  قال: فكيف كان اغتباط الناس به؟ قال: نشأ فيهم الأمن وشملهم النفل.
  قال: أكنت أعددت لي هذا الجواب؟ قال: لا يعلم الغيب إلا الله.
  قال: هكذا والله تكون الرجال المهلب كان أعلم بذلك حيث بعثك.
  هذه رواية أبي العباس.
  وروى أبو الفرج في الأغاني أن كعبا لما أوفده المهلب إلى الحجاج أنشده قصيدته التي أولها: