شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

اختلاف الناس في الآجال

صفحة 136 - الجزء 5

  القود ولكان ذابح الشاة بغير إذن مالكها قد أحسن إلى مالكها لأنه لو لم يذبحها لماتت فلم يكن ينتفع بلحمها.

  قالوا والذي احتج به من كونهما مؤجلين بأجل واحد فلو قدرنا انتفاء أحد الأمرين في ذلك الوقت لم يجب انتفاء الآخر ليس بشيء لأن أحدهما علة الآخر فإذا قدرنا انتفاء العلة وجب أن ينتفي في ذلك التقدير انتفاء المعلول فالعلة قتل القاتل والمعلول بطلان الحياة وإنما كان يستمر ويصلح ما ذكروه لو لم يكن بين الأمرين علية العلية والمعلولية.

  قالوا والآية التي تعلقوا فيها لا تدل على قولهم لأنه تعالى لم ينكر ذلك القول إنكار حاكم بأنهم لو لم يقتلوا لماتوا بل قال كل حي ميت أي لا بد من الموت إما معجلا وإما مؤجلا.

  قالوا فإذا قال لنا قائل إذا قلتم إنه يبقى لو لم يقتله القاتل ألستم تكونون قد قلتم إن القاتل قد قطع عليه أجله.

  قلنا له إنما يكون قاطعا عليه أجله لو قتله قبل الوقت الذي علم الله تعالى أن حياته تبطل فيه وليس الأمر كذلك لأن الوقت الذي علم الله تعالى أن حياته تبطل فيه هو الوقت الذي قتله فيه القاتل ولم يقتله القاتل قبل ذلك فيكون قد قطع عليه أجله.

  قالوا فإذا قال لنا فهل تقولون إنه قطع عليه عمره.

  قلنا له إن الزمان الذي كان يعيش فيه لو لم يقتله القاتل لا يسمى عمرا إلا على طريق المجاز باعتبار التقدير ولسنا نطلق ذلك إلا مقيدا لئلا يوهم وإنما قلنا إنا نقطع على أنه لو لم يقتل لم يمت ولا نطلق غير ذلك.