شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أمر المهاجرين والأنصار بعد بيعة أبي بكر

صفحة 36 - الجزء 6

  وقال لمن به من قريش وغيرهم يا معشر قريش إن الله جعل الأنصار أنصارا فأثنى عليهم في الكتاب فلا خير فيكم بعدهم إنه لا يزال سفيه من سفهاء قريش وتره الإسلام ودفعه عن الحق وأطفأ شرفه وفضل غيره عليه يقوم مقاما فاحشا فيذكر الأنصار فاتقوا الله وارعوا حقهم فو الله لو زالوا لزلت معهم لأن رسول الله قال لهم أزول معكم حيثما زلتم فقال المسلمون جميعا رحمك الله يا أبا الحسن قلت قولا صادقا.

  قال الزبير وترك عمرو بن العاص المدينة وخرج عنها حتى رضي عنه علي والمهاجرون قال الزبير ثم إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان يبغض الأنصار لأنهم أسروا أباه يوم بدر وضربوا عنقه بين يدي رسول الله قام يشتم الأنصار وذكرهم بالهجر فقال إن الأنصار لترى لها من الحق علينا ما لا نراه والله لئن كانوا آووا لقد عزوا بنا ولئن كانوا آسوا لقد منوا علينا والله ما نستطيع مودتهم لأنه لا يزال قائل منهم يذكر ذلنا بمكة وعزنا بالمدينة ولا ينفكون يعيرون موتانا ويغيظون أحياءنا فإن أجبناهم قالوا غضبت قريش على غاربها ولكن قد هون علي ذلك منهم حرصهم على الدين أمس واعتذارهم من الذنب اليوم ثم قال

  تباذخت الأنصار في الناس باسمها ... ونسبتها في الأزد عمرو بن عامر

  وقالوا لنا حق عظيم ومنة ... على كل باد من معد وحاضر

  فإن يك للأنصار فضل فلم تنل ... بحرمته الأنصار فضل المهاجر

  وإن تكن الأنصار آوت وقاسمت ... معايشها من جاء قسمة جازر

  فقد أفسدت ما كان منها بمنها ... وما ذاك فعل الأكرمين الأكابر

  إذا قال حسان وكعب قصيدة ... بشتم قريش غنيت في المعاشر

  وسار بها الركبان في كل وجهة ... وأعمل فيها كل خف وحافر