شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ولاية قيس بن سعد على مصر ثم عزله

صفحة 58 - الجزء 6

  أحببت أن يصحبك حتى تأتي مصر ومعك جند فإن ذلك أرعب لعدوك وأعز لوليك فإذا أنت قدمتها إن شاء الله فأحسن إلى المحسن واشتد على المريب وارفق بالعامة والخاصة فالرفق يمن.

  فقال قيس رحمك الله يا أمير المؤمنين قد فهمت ما ذكرت فأما الجند فإني أدعه لك فإذا احتجت إليهم كانوا قريبا منك وإن أردت بعثهم إلى وجه من وجوهك كان لك عدة ولكني أسير إلى مصر بنفسي وأهل بيتي وأما ما أوصيتني به من الرفق والإحسان فالله تعالى هو المستعان على ذلك قال فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتى دخل مصر فصعد المنبر وأمر بكتاب معه يقرأ على الناس فيه من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن الله بحسن صنعه وقدره وتدبيره اختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله وبعث به أنبياءه إلى عباده فكان مما أكرم الله ø به هذه الأمة وخصهم به من الفضل أن بعث محمدا ÷ إليهم فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض وأدبهم لكيما يهتدوا وجمعهم لكيلا يتفرقوا وزكاهم لكيما يتطهروا فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه فعليه صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم صالحين فعملا بالكتاب والسنة وأحييا السيرة ولم يعدوا السنة ثم توفيا رحمهما الله فولي بعدهما وال أحدث أحداثا فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا ثم نقموا فغيروا ثم جاءوني فبايعوني وأنا أستهدي الله الهدى وأستعينه على التقوى ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله والقيام بحقه والنصح لكم بالغيب والله المستعان على ما تصفون وحسبنا الله ونعم الوكيل