شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ولاية قيس بن سعد على مصر ثم عزله

صفحة 59 - الجزء 6

  وقد بعثت لكم قيس بن سعد الأنصاري أميرا فوازروه وأعينوه على الحق وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصحه نسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا وثوابا جزيلا ورحمة واسعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  وكتبه عبد الله بن أبي رافع في صفر سنة ست وثلاثين.

  قال إبراهيم فلما فرغ من قراءة الكتاب قام قيس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال الحمد لله الذي جاء بالحق وأمات الباطل وكبت الظالمين أيها الناس إنا بايعنا خير من نعلم من بعد نبينا محمد ÷ فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله فإن نحن لم نعمل بكتاب الله وسنة رسوله فلا بيعة لنا عليكم.

  فقام الناس فبايعوا واستقامت مصر وأعمالها لقيس وبعث عليها عماله إلا أن قرية منها قد أعظم أهلها قتل عثمان وبها رجل من بني كنانة يقال له يزيد بن الحارث فبعث إلى قيس إنا لا نأتيك فابعث عمالك فالأرض أرضك ولكن أقرنا على حالنا حتى ننظر إلى ما يصير أمر الناس.

  ووثب محمد بن مسلمة بن مخلد بن صامت الأنصاري فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه فأرسل إليه قيس ويحك أعلي تثب والله ما أحب أن لي ملك الشام ومصر وأني قتلتك فاحقن دمك فأرسل إليه مسلمة إني كاف عنك ما دمت أنت والي مصر.

  وكان قيس بن سعد ذا رأي وحزم فبعث إلى الذين اعتزلوا أني لا أكرهكم على البيعة ولكني أدعكم وأكف عنكم فهادنهم وهادن مسلمة بن مخلد وجبى الخراج وليس أحد ينازعه.