شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

عهد أبي بكر بالخلافة إلى عمر بن الخطاب

صفحة 170 - الجزء 1

  وقوله # لشد ما تشطرا ضرعيها، شد: أصله شدد، كقولك: حب في حبذا، أصله حبب، ومعنى شد صار شديدا جدا، ومعنى حب صار حبيبا، قال البحتري:

  شد ما أغريت ظلوم بهجري ... بعد وجدي بها وغلة صدري

  وللناقة أربعة أخلاف خلفان قادمان وخلفان آخران، وكل اثنين منهما شطر وتشطرا ضرعيها اقتسما فائدتهما، ونفعهما، والضمير للخلافة وسمى القادمين معا ضرعا، وسمى الآخرين معا ضرعا لما كانا لتجاورهما ولكونهما لا يحلبان إلا معا كشيء واحد.

  قوله #: فجعلها في حوزة خشناء، أي: في جهة صعبة المرام شديدة الشكيمة والكلم الجرح.

  وقوله: يغلظ من الناس من قال كيف قال يغلظ كلمها والكلم لا يوصف بالغلظ، وهذا قلة فهم بالفصاحة، ألا ترى كيف قد وصف الله سبحانه العذاب بالغلظ فقال: {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ٥٨}⁣[هود: ٥٨]، أي: متضاعف؛ لأن الغليظ من الأجسام هو ما كثف، وجسم فكان أجزاؤه وجواهره متضاعفة، فلما كان العذاب أعاذنا الله منه متضاعفا سمي غليظا، وكذلك الجرح إذا أمعن وعمق فكأنه قد تضاعف وصار جروحا فسمي غليظا.

  إن قيل قد قال # في حوزة خشناء فوصفها بالخشونة فكيف أعاد ذكر الخشونة ثانية، فقال يخشن مسها.

  قيل ا: لاعتبار مختلف؛ لأن مراده بقوله في حوزة خشناء، أي: لا ينال ما عندها ولا يرام.

  يقال: إن فلانا لخشن الجانب ووعر الجانب ومراده بقوله يخشن