شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

مروان بن الحكم ونسبه وأخباره

صفحة 154 - الجزء 6

  منك أحجمت عنه ثم لبس حلته وركب فرسه وتقلد سيفه ودخل على معاوية فقال له حين رآه وتبين الغضب في وجهه مرحبا بأبي عبد الملك لقد زرتنا عند اشتياق منا إليك فقال لا ها الله ما زرتك لذلك ولا قدمت عليك فألفيتك إلا عاقا قاطعا والله ما أنصفتنا ولا جزيتنا جزاءنا لقد كانت السابقة من بني عبد شمس لآل أبي العاص والصهر عن رسول الله ÷ لهم والخلافة منهم فوصلوكم يا بني حرب وشرفوكم وولوكم فما عزلوكم ولا آثروا عليكم حتى إذا وليتم وأفضى الأمر إليكم أبيتم إلا أثرة وسوء صنيعة وقبح قطيعة فرويدا رويدا فقد بلغ بنو الحكم وبنو بنيه نيفا وعشرين وإنما هي أيام قلائل حتى يكملوا أربعين ثم يعلم امرؤ ما يكون منهم حينئذ ثم هم للجزاء بالحسنى والسوء بالمرصاد.

  قال أبو الفرج هذا رمز إلى

  قول رسول الله ÷ إذا بلغ بنو أبي العاص أربعين رجلا اتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولا فكان بنو أبي العاص يذكرون أنهم سيلون أمر الأمة إذا بلغوا هذه العدة.

  قال أبو الفرج فقال له معاوية مهلا أبا عبد الملك إني لم أعزلك عن خيانة وإنما عزلتك لثلاثة لو لم يكن منهن إلا واحدة لأوجبت عزلك إحداهن أني أمرتك على عبد الله بن عامر وبينكما ما بينكما فلن تستطيع أن تشتفي منه والثانية كراهيتك لإمرة زياد والثالثة أن ابنتي رملة استعدتك على زوجها عمرو بن عثمان فلم تعدها فقال مروان أما ابن عامر فإني لا أنتصر منه في سلطاني ولكن إذا تساوت الأقدام علم أين موقعه وأما كراهتي لإمرة زياد فإن سائر بني أمية كرهوه وجعل الله لنا في ذلك الكره خيرا كثيرا وأما استعداء رملة على عمرو فو الله إنه ليأتي علي سنة أو أكثر