شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في شرح ما نسب إلى علي من الدعابة

صفحة 327 - الجزء 6

  غير ضعف جوادا من غير سرف ممسكا من غير وكف قال ابن عباس وكانت هذه صفات عمر ثم أقبل علي فقال إن أحراهم أن يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك والله لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم.

  واعلم أن الرجل ذا الخلق المخصوص لا يرى الفضيلة إلا في ذلك الخلق ألا ترى أن الرجل يبخل فيعتقد أن الفضيلة في الإمساك والبخيل يعيب أهل السماح والجود وينسبهم إلى التبذير وإضاعة الحزم وكذلك الرجل الجواد يعيب البخلاء وينسبهم إلى ضيق النفس وسوء الظن وحب المال والجبان يعتقد أن الفضيلة في الجبن ويعيب الشجاعة ويعتقد كونها خرقا وتغريرا بالنفس كما قال المتنبي

  يرى الجبناء أن الجبن حزم

  والشجاع يعيب الجبان وينسبه إلى الضعف ويعتقد أن الجبن ذل ومهانة وهكذا القول في جميع الأخلاق والسجايا المقتسمة بين نوع الإنسان ولما كان عمر شديد الغلظة وعر الجانب خشن الملمس دائم العبوس كان يعتقد أن ذلك هو الفضيلة وأن خلافه نقص ولو كان سهلا طلقا مطبوعا على البشاشة وسماحة الخلق لكان يعتقد أن ذاك هو الفضيلة وأن خلافه نقص حتى لو قدرنا أن خلقه حاصل لعلي # وخلق علي حاصل له لقال في علي لو لا شراسة فيه.

  فهو غير ملوم عندي فيما قاله ولا منسوب إلى أنه أراد الغض من علي والقدح