شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أبحاث تتعلق بالملائكة

صفحة 431 - الجزء 6

  ومنها أنه لا تتجاوز رغباته مما عند الله تعالى إلى ما عند غيره سبحانه.

  ومنها أن يعقد ضميره وقلبه على محبة الله تعالى ويشرب بالكأس الروية من حبه.

  ومنها عظم التقوى بحيث يأمن كل شيء عدا الله ولا يهاب أحدا إلا الله.

  ومنها الخشوع والخضوع والإخبت والذل لجلال عزته سبحانه.

  ومنها ألا يستكثر الطاعة والعمل وإن جل وعظم.

  ومنها عظم الرجاء الواقع في مقابلة عظم الخوف فإن الله تعالى يحب أن يرجى كما يحب أن يخاف

أبحاث تتعلق بالملائكة

  واعلم أنه يجب أن تعلم أبحاث متعددة تتعلق بالملائكة ويقصد فيها قصد حكاية المذهب خاصة ونكل الاحتجاج والنظر إلى ما هو مذكور في كتبنا الكلامية.

  البحث الأول في وجود الملائكة قال قوم من الباطنية السبيل إلى إثبات الملائكة هو الحس والمشاهدة وذلك أن الملائكة عندهم أهل الباطن.

  وقالت الفلاسفة هي العقول المفارقة وهي جواهر مجردة عن المادة لا تعلق لها بالأجسام تدبيرا واحترزوا بذلك عن النفوس لأنها جواهر مفارقة إلا أنها تدبر الأبدان وزعموا أنهم أثبتوها نظرا.

  وقال أصحابنا المتكلمون الطريق إلى إثبات الملائكة الخبر الصادق المدلول على صدقه وفي المتكلمين من زعم أنه أثبت الملائكة بطريق نظري وهو أنه لما وجد خلقا من طين وجب في العقل أن يكون في المخلوقات خلق من الهواء وخلق من النار فالمخلوق من الهواء هو الملك والمخلوق من النار الشيطان.