أبحاث تتعلق بالملائكة
  البحث الثاني في بنية الملائكة وهيئة تركيبهم قال أصحابنا المتكلمون أن الملائكة أجسام لطاف وليسوا من لحم ودم وعظام كما خلق البشر من هذه الأشياء وقال أبو حفص المعود القرينسي من أصحابنا إن الملائكة من أجسام من لحم وعظم إنه لا فرق بينهم وبين البشر وإنما لم يروا لبعد المسافة بيننا وبينهم.
  وقد تبعه على هذا القول جماعة من معتزلة ما وراء النهر وهي مقالة ضعيفة لأن القرآن يشهد بخلافه في قوله {وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ٨٠}[الزخرف: ٨٠] وقوله {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧}[ق: ١٧] فلو كانوا أجساما كثيفة كأجسامنا لرأيناهم.
  البحث الثالث في تكليف الملائكة حكى عن قوم من الحشوية أنهم يقولون إن الملائكة مضطرون الله جميع أفعالهم وليسوا مكلفين.
  وقال جمهور أهل النظر إنهم مكلفون.
  وحكى عن أبي إسحاق النظام إنه قال إن قوما من المعتزلة قالوا إنهم جبلوا على الطاعة لمخالفة خلقهم خلقة المكلفين وأنهم قالوا لو كانوا مكلفين لم يؤمن أن يعصوا فيما أمروا به وقد قال تعالى {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦}[التحريم: ٦].
  و قال قوم إن أكثر الملائكة مكلفون وإن فيهم من ليس بمكلف بل هو مسخر للملائكة المكلفين كما أن الحيوانات ما هو غير مكلف بل هو مسخر للبشر ومخلوق لمصالحهم.
  قالوا ولا ننكر أن يكون الملائكة الذين ذكر منهم أنهم غلظ الأجسام وعظم الخلق والتركيب بحيث تبلغ أقدامهم إلى قرار الأرض قد جعلوا عمدا للسموات والأرض فهم