شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أبحاث تتعلق بالملائكة

صفحة 433 - الجزء 6

  يحملونها بمنزلة الأساطين التي تحمل السقوف العالية ولم يرشحوا لأمر من الأمور سوى ذلك.

  البحث الرابع فيما يجوز من الملائكة وما لا يجوز قال شيخنا أبو القاسم حكى أبو الحسن الخياط عن قدماء المعتزلة أنه لا يجوز أن يعصي أحد من الملائكة ولم يذكر عنهم علة في ذلك.

  وقال قوم إنهم لا يعصون ولا يجوز أن يعصوا لأنهم غير مطيقين الشهوة والغضب فلا داعي لهم إلى المعصية والفاعل لا يفعل إلا بداع إلى الفعل.

  وقال قوم إنهم لا يعصون لأنهم يشاهدون من عجائب صنع الله وآثار هيبته ما يبهرهم عن فعل المعصية والقصد إليها وكذلك قال تعالى {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ٢٨}⁣[الأنبياء: ٢٨].

  و قال قوم إنما لم يجز أن يعصوا لأن الله تعالى أخبر عنهم أنهم لا يعصون ولا ينكر مع ذلك أن يكون منهم من يتغير حاله ويتبدل بها حالة أخرى ويعصي على ما ورد من خبر الملكين ببابل وخبر إبليس وإنما يسلب عنهم المعصية ما داموا على حالهم التي هي عليها.

  وقال شيوخنا أصحاب أبي هاشم ¦ إن المعصية تجوز عليهم كما تجوز علينا إلا أن الله تعالى علم أن لهم ألطافا يمتنعون معها من القبيح لفعلها فامتنعوا من فعل القبيح اختيارا فكانت حالهم كحال الأنبياء من البشر يقدرون على المعصية ولا يفعلونها