شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصول متنوعة تتعلق بالخطبة

صفحة 5 - الجزء 7

  المصدرية المحضة كأنه قال فوافى بالمعصية موافاة وطابق بها سابق العلم مطابقة.

  قوله فأهبطه بعد التوبة قد اختلف الناس في ذلك فقال قوم بل أهبطه قبل التوبة ثم تاب عليه وهو في الأرض وقال قوم تاب قبل الهبوط وهو قول أمير المؤمنين # ويدل عليه قوله تعالى {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ٣٧ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا}⁣[البقرة: ٣٧ - ٣٨] فأخبر عن أنه أهبطهم بعد تلقي الكلمات والتوبة وقال تعالى في موضع آخر {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ٢٢ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٢٣ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ٢٤}⁣[الأعراف: ٢٢ - ٢٤].

  فبين أن اعترافهما بالمعصية واستغفارهما كانا قبل أمرهما بالهبوط وقال في موضع آخر {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ١٢١ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ١٢٢ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا}⁣[طه: ١٢١ - ١٢٣] فجعل الإهباط بعد الاجتباء والتوبة واحتج الأولون بقوله تعالى {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ٣٥ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ٣٦ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}⁣[البقرة: ٣٥ - ٣٧] قالوا فأخبر سبحانه عن أمره لهم بالهبوط عقيب إزلال الشيطان لهما ثم عقب الهبوط بفاء التعقيب في قوله {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}⁣[البقرة: ٣٧] فدل على أن التوبة بعد الهبوط.