شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

اختلاف الرأي في الخلافة بعد وفاة رسول الله

صفحة 218 - الجزء 1

  ويسكت واقفا، وينطق سائرا على أرض بياضها مظلم وسوادها مضي ء.

  فأما القطب الراوندي فقال: قوله # شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة معناه كونوا مع أهل البيت؛ لأنهم سفن النجاة، لقوله # مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.

  ولقائل أن يقول لا شبهة أن أهل البيت سفن النجاة، ولكنهم لم يرادوا هاهنا بهذه اللفظة؛ لأنه لو كان ذلك هو المراد لكان قد أمر أبا سفيان والعباس بالكون مع أهل البيت ومراده الآن ينقض ذلك؛ لأنه يأمر بالتقية وإظهار اتباع الذين عقد لهم الأمر، ويرى أن الاستسلام هو المتعين، فالذي ظنه الراوندي لا يحتمله الكلام ولا يناسبه.

  وقال أيضا: التعريج على الشيء الإقامة عليه يقال عرج، فلأن على المنزل إذا حبس نفسه عليه فالتقدير عرجوا على الاستقامة منصرفين عن المنافرة.

  ولقائل أن يقال التعريج يعدى تارة بعن وتارة بعلى، فإذا عديته بعن أردت التجنب والرفض، وإذا عديته بعلى أردت المقام والوقوف وكلامه # معدى بعن قال: وعرجوا عن طريق المنافرة.

  وقال أيضا: آنس بالموت، أي: أسر به وليس بتفسير صحيح، بل هو من الأنس ضد الوحشة.

اختلاف الرأي في الخلافة بعد وفاة رسول الله

  لما قبض رسول الله ÷ واشتغل علي # بغسله ودفنه، وبويع أبو بكر خلا الزبير، وأبو سفيان، وجماعة من المهاجرين بعباس وعلي #