شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

اختلاف الرأي في الخلافة بعد وفاة رسول الله

صفحة 219 - الجزء 1

  لإجالة الرأي، وتكلموا بكلام يقتضي الاستنهاض والتهييج، فقال العباس ¥ قد سمعنا قولكم فلا لقلة نستعين بكم ولا لظنة نترك آراءكم فأمهلونا نراجع الفكر، فإن يكن لنا من الإثم مخرج يصر بنا وبهم الحق صرير الجدجد، ونبسط إلى المجد أكفا لا نقبضها أو نبلغ المدى وإن تكن الأخرى فلا لقلة في العدد ولا لوهن في الأيد، والله لو لا أن الإسلام قيد الفتك لتدكدكت جنادل صخر يسمع اصطكاكها من المحل العلي.

  فحل علي # حبوته، وقال: الصبر حلم والتقوى دين، والحجة محمد، والطريق الصراط أيها الناس شقوا أمواج الفتن ... الخطبة، ثم نهض فدخل إلى منزله وافترق القوم.

  وقال البراء بن عازب لم أزل لبني هاشم محبا فلما قبض رسول الله ÷ خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله ÷، فكنت أتردد إلى بني هاشم وهم عند النبي ÷ في الحجرة وأتفقد وجوه قريش، فإني كذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر وإذا قائل يقول القوم في سقيفة بني ساعدة وإذا قائل آخر يقول قد بويع أبو بكر فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى، فأنكرت عقلي وخرجت أشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا وقلت قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة، فقال العباس تربت أيديكم إلى آخر الدهر أما إني قد أمرتكم فعصيتموني، فمكثت أكابد ما في نفسي ورأيت