105 - ومن خطبة له #
  مع ذلك يحب رسول الله ÷ لنسبته منه وتربيته له واختصاصه به من دون أصحابه وبعد فشرفه له لأنهما نفس واحدة في جسمين الأب واحد والدار واحدة والأخلاق متناسبة فإذا عظمه فقد عظم نفسه وإذا دعا إليه فقد دعا إلى نفسه ولقد كان يود أن تطبق دعوة الإسلام مشارق الأرض ومغاربها لأن جمال ذلك لاحق به وعائد عليه فكيف لا يعظمه ويبجله ويجتهد في إعلاء كلمته.
  فقلت له قد كنت اليوم أنا وجعفر بن مكي الشاعر نتجاذب هذا الحديث فقال جعفر لم ينصر رسول الله ÷ أحد نصرة أبي طالب وبنيه له أما أبو طالب فكفله ورباه ثم حماه من قريش عند إظهار الدعوة بعد إصفاقهم وإطباقهم على قتله وأما ابنه جعفر فهاجر بجماعة من المسلمين إلى أرض الحبشة فنشر دعوته بها وأما علي فإنه أقام عماد الملة بالمدينة ثم لم يمن أحد من القتل والهوان والتشريد بما مني به بنو أبي طالب أما جعفر فقتل يوم مؤتة وأما علي فقتل بالكوفة بعد أن شرب نقيع الحنظل وتمنى الموت ولو تأخر قتل ابن ملجم لمات أسفا وكمدا ثم قتل ابناه بالسم والسيف وقتل بنوه الباقون مع أخيهم بالطف وحملت نساؤهم على الأقتاب سبايا إلى الشام ولقيت ذريتهم وأخلافهم بعد ذلك من القتل والصلب والتشريد في البلاد والهوان والحبس والضرب ما لا يحيط الوصف بكنهه فأي خير أصاب هذا البيت من نصرته ومحبته وتعظيمه بالقول والفعل فقال | وأصاب فيما قال فهلا قلت {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٧}[الحجرات: ١٧].
  ثم قال وهلا قلت له فقد نصرته الأنصار وبذلت مهجها دونه وقتلت بين يديه في