108 - ومن خطبة له #
  قلت أما الصلاة فلأن تاركها يقتل وإن لم يجحد وجوبها وغيرها ليس كذلك وإنما قدمت الزكاة على الصوم لأن الله تعالى قرنها بالصلاة في كثير من الكتاب العزيز ولم يذكر صوم شهر رمضان إلا في موضع واحد وكثرة تأكيد الشيء وذكره دليل على أنه أهم وإنما قدم الصوم على الحج لأنه يتكرر وجوبه والحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة فدل على أنه أهم عند الشارع من الحج.
  ثم قال # وصدقة السر فخرج من الواجبات إلى النوافل قال فإنها تكفر الخطيئة والتكفير هو إسقاط عقاب مستحق بثواب أزيد منه أو توبة وأصله في اللغة الستر والتغطية ومنه الكافر لأنه يغطي الحق وسمي البحر كافرا لتغطيته ما تحته وسمي الفلاح كافرا لأنه يغطي الحب في الأرض المحروثة.
  ثم قال وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء كالغرق والهدم وغيرها.
  قال وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان كأسر الروم للمسلم أو كأخذ الظلمة لغير المستحق للأخذ.
  ثم شرع في وصايا أخر عددها والهدي السيرة.
  وفي الحديث واهدوا هدي عمار يقال هدى فلان هدي فلان أي سار سيرته.
  وسمي القرآن حديثا اتباعا لقول الله تعالى {نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}[الزمر: ٢٣] واستدل أصحابنا بالآية على أنه محدث لأنه لا فرق بين حديث ومحدث في اللغة فإن قالوا إنما أراد أحسن الكلام قلنا لعمري إنه كذلك ولكنه لا يطلق على الكلام القديم لفظة حديث لأنه إنما سمي الكلام والمحاورة والمخاطبة حديثا لأنه أمر يتجدد حالا فحالا والقديم ليس كذلك.