شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

110 - ومن خطبة له #

صفحة 229 - الجزء 7

  قوله وتحلت بالآمال من الحلية أي تزينت عند أهلها بما يؤملون منها.

  قوله وتزينت بالغرور أي تزينت عند الناس بغرور لا حقيقة له.

  والحبرة السرور وحائلة متغيرة ونافدة فانية وبائدة منقضية وأكالة قتالة وغوالة مهلكة والغول ما غال أي أهلك ومنه المثل الغضب غول الحلم.

  ثم قال إنها إذا تناهت إلى أمنية ذوي الرغبات فيها لا تتجاوز أن تكون كما وصفها الله تعالى به وهو قوله {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ٤٥}⁣[الكهف: ٤٥].

  فاختلط أي فالتف بنبات الأرض وتكاثف به أي بسبب ذلك الماء وبنزوله عليه ويجوز أن يكون تقديره فاختلط بنبات الأرض لأنه لما غذاه وأنماه فقد صار مختلطا به ولما كان كل واحد من المختلطين مشاركا لصاحبه في مسمى الاختلاط جاز فاختلط به نبات الأرض كما يجوز فاختلط هو بنبات الأرض.

  والهشيم ما تهشم وتحطم الواحدة هشيمة وتذروه الرياح تطيره وكان الله على ما يشاء من الإنشاء والإفناء مقتدرا.

  قوله من يلق من سرائها بطنا إنما خص السراء بالبطن والضراء بالظهر لأن الملاقي لك بالبطن ملاق بالوجه فهو مقبل عليك والمعطيك ظهره مدبر عنك.

  وقيل لأن الترس بطنه إليك وظهره إلى عدوك وقيل لأن المشي في بطون الأودية أسهل من السير على الظراب والآكام.

  وطله السحاب يطله إذا أمطره مطرا قليلا يقول إذا أعطت قليلا من الخير أعقبت ذلك بكثير من الشر لأن التهتان الكثير المطر هتن يهتن بالكسر هتنا وهتونا وتهتانا.