شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

110 - ومن خطبة له #

صفحة 230 - الجزء 7

  قوله وحري أي جدير وخليق يقال بالحري أن يكون هذا الأمر كذا وهذا الأمر محراة لذلك أي مقمنة مثل محجاة وما أحراه مثل ما أحجاه وأحر به مثل أحج به وتقول هو حري أن يفعل ذلك بالفتح أي جدير وقمين لا يثنى ولا يجمع قال الشاعر

  وهن حري ألا يثبنك نقرة ... وأنت حري بالنار حين تثيب

  فإذا قلت هو حر بكسر الراء وحري بتشديدها على فعيل ثنيت وجمعت فقلت هما حريان وحريان وحرون مثل عمون وأحراء أيضا وفي المشدد حريون وأحرياء وهي حرية وحرية وهن حريات وحريات وحرايا.

  فإن قلت فهلا قال وحرية إذا أصبحت لأنه يخبر عن الدنيا قلت أراد شأنها فذكر أي وشأنها خليق أن يفعل كذا.

  واعذوذب صار عذبا واحلولى صار حلوا ومن هاهنا أخذ الشاعر قوله

  ألا إنما الدنيا غضارة أيكة ... إذا اخضر منها جانب جف جانب

  فلا تكتحل عيناك منها بعبرة ... على ذاهب منها فإنك ذاهب

  وارتفع جانب المذكور بعد إن لأنه فاعل فعل مقدر يفسره الظاهر أي وإن اعذوذب جانب منها لأن إن تقتضي الفعل وتطلبه فهي كإذا في قوله تعالى {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ١}⁣[الانشقاق: ١].

  و أمر الشيء أي صار مرا وأوبى صار وبيا ولين الهمز لأجل السجع.

  والرغب مصدر رغبت في الأمر رغبة ورغبا أي أردته.

  يقول لا ينال الإنسان منها إرادته إلا أرهقته تعبا يقال أرهقه إثما أي حمله وكلفه.