أمر طلحة والزبير مع علي بن أبي طالب بعد بيعتهما له
  الزبير راجعا إلى أصحابه نادما واجما، رجع علي # إلى أصحابه جذلا مسرورا.
  فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، تبرز إلى الزبير حاسرا وهو شاك في السلاح، وأنت تعرف شجاعته؟ قال: إنه ليس بقاتلي، إنما يقتلني رجل خامل الذكر، ضئيل النسب غيلة في غير مأقط حرب ولا معركة رجال ويلمه أشقى البشر ليودن أن أمه هبلت به أما إنه وأحمر ثمود لمقرونان في قرن.
  لما انصرف الزبير عن حرب علي # مر بوادي السباع، والأحنف بن قيس هناك في جمع من بني تميم قد اعتزل الفريقين، فأخبر الأحنف بمرور الزبير، فقال رافعا صوته: ما أصنع بالزبير؟ لف غارين من المسلمين حتى أخذت السيوف منهما مأخذها انسل وتركهم، أما إنه لخليق بالقتل، قتله الله، فاتبعه عمرو بن جرموز وكان فاتكا، فلما قرب منه وقف الزبير، وقال: ما شأنك؟ قال: جئت لأسألك عن أمر الناس.
  قال الزبير: إني تركتهم قياما في الركب يضرب بعضهم وجه بعض بالسيف، فسار ابن جرموز معه وكل واحد منهما يتقي الآخر، فلما حضرت الصلاة، قال الزبير: يا هذا، إنا نريد أن نصلي.
  فقال ابن جرموز: وأنا أريد ذلك.
  فقال الزبير: فتؤمني وأؤمنك.
  قال: نعم فثنى الزبير رجله وأخذ وضوءه، فلما قام إلى الصلاة شد ابن جرموز عليه فقتله وأخذ رأسه وخاتمه وسيفه وحثا عليه ترابا يسيرا، ورجع إلى الأحنف فأخبره فقال: والله ما أدري أسأت أم أحسنت، اذهب إلى علي # فأخبره، فجاء إلى علي # فقال للآذن: قل له عمرو بن جرموز بالباب ومعه رأس الزبير وسيفه، فأدخله، وفي كثير من الروايات أنه لم يأت بالرأس بل بالسيف فقال له: وأنت قتلته؟ قال: نعم.
  قال: (و الله ما كان ابن صفية جبانا ولا لئيما ولكن الحين ومصارع السوء)