شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر

صفحة 118 - الجزء 8

  فنص سبحانه على أن من تخف موازينه يكون مكذبا والفاسق تخف موازينه فكان مكذبا وكل مكذب كافر.

  الجواب أن ذلك لا يمنع من قسم ثالث وهم الذين لا تخف موازينهم ولا تثقل وهم الفساق ولا يلزم من كون كل من خفت موازينه يدخل النار ألا يدخل النار إلا من خفت موازينه.

  ومنها قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}⁣[التغابن: ٢] وهذا يقتضي أن من لا يكون مؤمنا فهو كافر والفاسق ليس بمؤمن فوجب أن يكون كافرا.

  والجواب أن من هاهنا للتبعيض وليس في ذكر التبعيض نفي الثالث كما أن قوله {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}⁣[النور: ٤٥] لا ينفي وجود دابة تمشي على أكثر من أربع كبعض الحشرات.

  ثم نعود إلى الشرح قوله # ومن رمى به الشيطان مراميه أي أضله كأنه رمى به مرمى بعيدا فضل عن الطريق ولم يهتد إليها.

  قوله وضرب به تيهه أي حيره وجعله تائها.

  ثم قال # يهلك في رجلان فأحدهما من أفرط حبه له واعتقاده فيه حتى ادعى له الحلول كما ادعت النصارى ذلك في المسيح # والثاني من أفرط بغضه له حتى حاربه أو لعنه أو برئ منه أو أبغضه هذه المراتب الأربع والبغض أدناها وهو