شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر

صفحة 117 - الجزء 8

  {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ١٠٠}⁣[النحل: ١٠٠] على قوله {الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ}⁣[النحل: ١٠٠] فوجب أن يثبت التغاير بين الفريقين وهذا مذهبنا لأن الذين يتولونه هم الفساق والذين هم به مشركون هم الكفار.

  ومنها قوله تعالى {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}⁣[السجدة: ٢٠] إلى قوله تعالى {وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٢٠}⁣[السجدة: ٢٠] فجعل الفاسق مكذبا.

  والجواب أن المراد به الذين فسقوا عن الدين أي خرجوا عنه بكفرهم ولا شبهة أن من كان فسقه من هذا الوجه فهو كافر مكذب ولا يلزم منه أن كل فاسق على الإطلاق فهو مكذب وكافر.

  ومنها قوله تعالى {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ٣٣}⁣[الأنعام: ٣٣] قالوا فأثبت الظالم جاحدا وهذه صفة الكفار.

  والجواب أن المكلف قد يكون ظالما بالسرقة والزنا وإن كان عارفا بالله تعالى وإذا جاز إثبات ظالم ليس بكافر ولا جاحد بآيات الله تعالى جاز إثبات فاسق ليس بكافر.

  ومنها قوله تعالى {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٥٥}⁣[النور: ٥٥].

  و الجواب أن هذه الآية تدل على أن الكافر فاسق ولا تدل على أن الفاسق كافر.

  ومنها قوله تعالى {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٢ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ١٠٣ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ١٠٤ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ١٠٥}⁣[المؤمنون: ١٠٢ - ١٠٥].