فصل في ذكر جنكزخان وفتنة التتر
  أنهم إن استأمنوا إلى التتار أبقوا عليهم للمشاركة في جنسية التركية فخرجوا بأموالهم وأهليهم إليهم مستأمنين فأخذوا سلاحهم وخيلهم ثم وضعوا السيف فيهم فقتلوهم كلهم ثم نادوا في البلد برئت الذمة ممن لم يخرج ومن خرج فهو آمن فخرج الناس إليهم بأجمعهم فاختلطوا عليهم ووضعوا فيهم السيف وعذبوا الأغنياء منهم واستصفوا أموالهم ودخلوا سمرقند فأخربوها ونقضوا دورها وكانت هذه الوقعة في المحرم سنة سبع عشرة وستمائة.
  وكان خوارزمشاه مقيما بمنزله الأول كلما اجتمع له جيش سيره إلى سمرقند فيرجع ولا يقدم على الوصول إليها فلما قضوا وطرا من سمرقند سير جنكزخان عشرين ألف فارس وقال لهم اطلبوا خوارزمشاه أين كان ولو تعلق بالسماء حتى تدركوه وتأخذوه وهذه الطائفة تسميها التتار المغربة لأنها سارت نحو غرب خراسان وهم الذين أوغلوا في البلاد ومقدمهم جرماغون نسيب جنكزخان.
  وحكي أن جنكزخان كان قد أمر على هذا الجيش ابن عم له شديد الاختصاص به يقال له متكلى نويرة وأمره بالجد وسرعة المسير فلما ودعه عطف متكلى نويرة هذا فدخل إلى خركاه فيها امرأة له كان يهواها ليودعها فاتصل ذلك بجنكزخان فصرفه في تلك الساعة عن إمارة الجيش وقال من يثني عزمه امرأة لا يصلح لقيادة الجيوش ورتب مكانه جرماغون فساروا وقصدوا من جيحون موضعا يسمى بنج آب أي خمسة مياه وهو يمنع العبور فلم يجدوا به سفنا فعملوا من الخشب مثل الأحواض الكبار ولبسوه جلود البقر ووضعوا فيه أسلحتهم وأقحموا خيولهم الماء وأمسكوا بأذنابها