شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر جنكزخان وفتنة التتر

صفحة 227 - الجزء 8

  وتلك الأحواض مشدودة إليها فكان الفرس يجذب الرجل والرجل يجذب الحوض فعبروا كلهم ذلك الماء دفعة واحدة فلم يشعر خوارزمشاه بهم إلا وهم معه على أرض واحدة وكان جيشه قد ملئ رعبا منهم فلم يقدروا على الثبات فتفرقوا أيدي سبأ وطلب كل فريق منهم جهة ورحل خوارزمشاه في نفر من خواصه لا يلوي على شيء وقصد نيسابور فلما دخلها اجتمع عليه بعض عسكره فلم يستقر حتى وصل جرماغون إليه وكان لا يتعرض في مسيره بنهب ولا قتل بل يطوي المنازل طيا يطلب خوارزمشاه ولا يمهله ليجمع عسكرا فلما عرف قرب التتار منه هرب من نيسابور إلى مازندران فدخلها ورحل جرماغون خلفه ولم يعرج على نيسابور بل قصد مازندران فخرج خوارزمشاه عنها فكان كلما رحل عن منزل نزله التتار حتى وصل إلى بحر طبرستان فنزل هو وأصحابه في سفن ووصل التتار فلما عرفوا نزوله البحر رجعوا وأيسوا منه.

  وهؤلاء الذين ملكوا عراق العجم وأذربيجان فأقاموا بناحية تبريز إلى يومنا هذا.

  ثم اختلف في أمر خوارزمشاه فقوم يحكون أنه أقام بقلعة له في بحر طبرستان منيعة فتوفي بها وقوم يحكون أنه غرق في البحر وقوم يحكون أنه غرق ونجا عريانا فصعد إلى قرية من قرى طبرستان فعرفه أهلها فجاءوا وقبلوا الأرض بين يديه وأعلموا عاملهم به فجاء إليه وخدمه فقال له خوارزمشاه احملني في مركب إلى الهند فحمله إلى شمس الدين أنليمش ملك الهند وهو نسيبه من جهة زوجته والدة منكبوني بن خوارزمشاه الملك جلال الدين فإنها هندية من أهل بيت الملك فيقال إنه وصل إلى أنليمش وقد تغير