فصل في ذكر جنكزخان وفتنة التتر
  وجملة الأمر أن حاله مشتبهة ملتبسة لم يتحقق على يقين وبقي الناس بعد هلاكه نحو سبع سنين ينتظرونه.
  ويذهب كثير منهم إلى أنه حي مستتر إلى أن ثبت عند الناس كافة أنه هلك.
  فأما جرماغون فإنه لما يئس من الظفر بخوارزمشاه عاد من ساحل البحر إلى مازندران فملكها في أسرع وقت مع حصانتها وصعوبة الدخول إليها وامتناع قلاعها فإنها لم تزل ممتنعة على قديم الوقت حتى أن المسلمين لما ملكوا بلاد الأكاسرة من العراق إلى أقصى خراسان بقيت أعمال مازندران بحالها تؤدي الخراج ولا يقدر المسلمون على دخولها إلى أيام سليمان بن عبد الملك.
  ولما ملكت التتار مازندران قتلوا فيها ونهبوا وسلبوا ثم سلكوا نحو الري فصادفوا في الطريق والدة خوارزمشاه ونساءه ومعهن أموال بيت خوارزمشاه وذخائرهم التي ما لا يسمع بمثلها من الأعلاق النفيسة وهن قاصدات نحو الري ليعتصمن ببعض القلاع المنيعة فاستولى التتار عليهن وعلى ما معهن بأسره وسيروه كله إلى جنكزخان بسمرقند وصمدوا صمد الري وقد كان اتصل بهم أن محمدا خوارزمشاه قصدها كما يتسامع الناس بالأراجيف الصحيحة والباطلة فوصلوها على حين غفلة من أهلها فلم يشعر بهم عسكر الري إلا وقد ملكوها ونهبوها وسبوا الحرم واسترقوا الغلمان وفعلوا كل قبيح منكر فيها ولم يقيموا بها ومضوا مسرعين في طلب خوارزمشاه فنهبوا في طريقهم ما مروا به من المدن والقرى وأحرقوا وخربوا وقتلوا الذكران والإناث ولم يبقوا على شيء وقصدوا نحو همذان فخرج إليهم رئيسها ومعه أموال جليلة قد جمعها من أهل همذان عينا وعروضا وخيلا وطلب منهم الأمان لأهل البلد فأمنوهم ولم يعرضوا لهم