شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من أقوال الحكماء والصالحين

صفحة 247 - الجزء 8

  وذكر أهلها ونحن نذكر كلمات وردت عن الحكماء والصالحين تناسبها على عادتنا في إيراد الأشباه والنظائر.

  قال بعض الصالحين ما أدري كيف أعجب من الدنيا أمن حسن منظرها وقبح مخبرها أم من ذم الناس لها وتناحرهم عليها قيل لبعضهم كيف أصبحت قال آسفا على أمسي كارها ليومي متهما لغدي.

  قيل لأعرابي كيف ترى الدهر قال خدوعا خلوبا وثوبا غلوبا.

  قيل لصوفي لم تركت الدنيا قال لأني منعت صفوها وامتنعت من كدرها.

  وقيل لآخر لم تركت الدنيا قال لأني عدمت الوسيلة إليها إلا بعشقها وأعشق ما أكون لها أغدر ما تكون بي وأنشد لبشر الحافي:

  قرير العين لا ولد يموت ... ولا حذر يبادر ما يفوت

  رخي البال ليس له عيال ... خلي من حربت ومن دهيت

  قضى وطر الصبا وأفاد علما ... فعاتبه التفرد والسكوت

  وأكبر همه مما عليه ... تذابح من ترى خلق وقوت

  قال أبو حيان سمعت ابن القصاب الصوفي يقول اسمع واسكت وانظر وأعجب قال ابن المعتز

  مل سقامي عوده ... وخان دمعي مسعده

  وضاع من ليلي غده ... طوبى لعين تجده

  قلت من الدهر يده ... يفنى ويبقى أبده

  والموت ضار أسده ... وقاتل من يلده