من أخبار يوم الجمل أيضا
  لم يطعم، وهذه عادته في الحرب وكان أيضا شيخا عالي السن فجعل عبد الله ينادي: اقتلوني ومالكا فلو قال اقتلوني والأشتر لقتلوهما إلا أن أكثر من كان يمر بهما لا يعرفهما لكثرة من وقع في المعركة صرعى بعضهم فوق بعض، وأفلت ابن الزبير من تحته ولم يكد فذلك قول الأشتر:
  أعائش لو لا أنني كنت طاويا ... ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكا
  غداة ينادي والرجال تحوزه ... بأضعف صوت اقتلوني ومالكا
  فلم يعرفوه إذ دعاهم وغمه ... خدب عليه في العجاجة باركا
  فنجاه مني أكله وشبابه ... وأني شيخ لم أكن متماسكا
  وروى أبو مخنف عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخل عمار بن ياسر ومالك بن الحارث الأشتر على عائشة بعد انقضاء أمر الجمل، فقالت عائشة: يا عمار، من معك؟ قال: الأشتر.
  فقالت: يا مالك، أنت الذي صنعت بابن أختي ما صنعت؟ قال: نعم، ولو لا أني كنت طاويا ثلاثة أيام لأرحت أمة محمد منه.
  فقالت: أما علمت أن رسول الله ÷ قال، لا يحل دم مسلم إلا بأحد أمور ثلاثة، كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير حق.
  فقال الأشتر: على بعض هذه الثلاثة قاتلناه يا أم المؤمنين، وايم الله ما خانني سيفي قبلها ولقد أقسمت ألا يصحبني بعدها.
  قال أبو مخنف: ففي ذلك يقول الأشتر من جملة هذا الشعر الذي ذكرناه:
  وقالت على أي الخصال صرعته ... بقتل أتى أم رده لا أبا لكا
  أم المحصن الزاني الذي حل قتله ... فقلت لها لا بد من بعض ذلكا