شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أسباب المنافسة بين علي وعثمان

صفحة 25 - الجزء 9

  أديبا وقد اشتغل بالرياضيات من الفلسفة ولم يكن يتعصب لمذهب بعينه قال جعفر سألت عما عنده في أمر علي وعثمان فقال هذه عداوة قديمة النسب بين عبد شمس وبين بني هاشم وقد كان حرب بن أمية نافر عبد المطلب بن هاشم وكان أبو سفيان يحسد محمدا ÷ وحاربه ولم تزل الثنتان متباغضتين وإن جمعتهما المنافية ثم إن رسول الله ÷ زوج عليا بابنته وزوج عثمان بابنته الأخرى وكان اختصاص رسول الله ÷ لفاطمة أكثر من اختصاصه للبنت الأخرى وللثانية التي تزوجها عثمان بعد وفاة الأولى واختصاصه أيضا لعلي وزيادة قربه منه وامتزاجه به واستخلاصه إياه لنفسه أكثر وأعظم من اختصاصه لعثمان فنفس عثمان ذلك عليه فتباعد ما بين قلبيهما وزاد في التباعد ما عساه يكون بين الأختين من مباغضة أو مشاجرة أو كلام ينقل من إحداهما إلى الأخرى فيتكدر قلبها على أختها ويكون ذلك التكدير سببا لتكدير ما بين البعلين أيضا كما نشاهده في عصرنا وفي غيره من الأعصار وقد قيل ما قطع من الأخوين كالزوجتين ثم اتفق أن عليا # قتل جماعة كثيرة من بني عبد شمس في حروب رسول الله ÷ فتأكد الشنئان وإذا استوحش الإنسان من صاحبه استوحش صاحبه منه ثم مات رسول الله ÷ فصبا إلى علي جماعة يسيرة لم يكن عثمان منهم ولا حضر في دار فاطمة مع من حضر من المخلفين عن البيعة وكانت في نفس علي # أمور من الخلافة لم يمكنه إظهارها في أيام أبي بكر وعمر لقوة عمر وشدته وانبساط يده ولسانه فلما قتل عمر وجعل الأمر شورى بين الستة وعدل عبد الرحمن بها عن علي إلى عثمان لم يملك علي نفسه فأظهر ما كان كامنا وأبدى ما كان مستورا ولم يزل الأمر يتزايد بينهما حتى شرف وتفاقم ومع ذلك فلم يكن علي # لينكر من أمره إلا منكرا ولا ينهاه إلا كما تقتضي الشريعة نهيه عنه وكان عثمان مستضعفا في نفسه رخوا قليل الحزم واهي العقدة وسلم عنانه إلى