أسباب المنافسة بين علي وعثمان
  مروان يصرفه كيف شاء الخلافة له في المعنى ولعثمان في الاسم فلما انتقض على عثمان أمره استصرخ عليا ولاذ به وألقى زمام أمره إليه فدافع عنه حيث لا ينفع الدفاع وذب عنه حين لا يغني الذب فقد كان الأمر فسد فسادا لا يرجى صلاحه.
  قال جعفر فقلت له أتقول إن عليا وجد من خلافة عثمان أعظم مما وجده من خلافة أبي بكر وعمر فقال كيف يكون ذلك وهو فرع لهما ولولاهما لم يصل إلى الخلافة ولا كان عثمان ممن يطمع فيها من قبل ولا يخطر له ببال ولكن هاهنا أمر يقتضي في عثمان زيادة المنافسة وهو اجتماعهما في النسب وكونهما من بني عبد مناف والإنسان ينافس ابن عمه الأدنى أكثر من منافسة الأبعد ويهون عليه من الأبعد ما لا يهون عليه من الأقرب.
  قال جعفر فقلت له أفتقول لو أن عثمان خلع ولم يقتل أكان الأمر يستقيم لعلي # إذا بويع بعد خلعه فقال لا وكيف يتوهم ذلك بل يكون انتقاض الأمور عليه وعثمان حي مخلوع أكثر من انتقاضها عليه بعد قتله لأنه موجود يرجى ويتوقع عوده فإن كان محبوسا عظم البلاء والخطب وهتف الناس باسمه في كل يوم بل في كل ساعة وإن كان مخلى سربه وممكنا من نفسه وغير محول بينه وبين اختياره لجأ إلى بعض الأطراف وذكر أنه مظلوم غصبت خلافته وقهر على خلع نفسه فكان اجتماع الناس عليه أعظم والفتنة به أشد وأغلظ.
  قال جعفر فقلت له فما تقول في هذا الاختلاف الواقع في أمر الإمامة من مبدأ الحال وما الذي تظنه أصله ومنبعه فقال لا أعلم لهذا أصلا إلا أمرين أحدهما أن رسول الله ÷ أهمل أمر الإمامة فلم يصرح فيه بأحد بعينه وإنما كان هناك رمز وإيماء وكناية وتعريض لو أراد صاحبه أن يحتج به وقت الاختلاف وحال المنازعة